لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ)؟ لا (بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) (٣٢) في أنفسكم (وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي فيهما منكم بنا (إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً) شركاء (وَأَسَرُّوا) أي الفريقان (النَّدامَةَ) على ترك الإيمان به (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) أي أخفاها كل عن رفيقة مخافة التعبير (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) في النار (هَلْ) ما (يُجْزَوْنَ إِلَّا) جزاء (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٣) في الدنيا (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) رؤساؤها المتنعمون (إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٣٤) (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) ممن آمن (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (٣٥) (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ) يوسعه (لِمَنْ يَشاءُ) امتحانا (وَيَقْدِرُ) يضيقه لمن يشاء ابتلاء (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أي كفار مكة (لا يَعْلَمُونَ) (٣٦) ذلك (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) قربى أي تقريبا (إِلَّا)
____________________________________
للمستضعفين. قوله : (أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ) أي منعناكم. قوله : (لا) أشار بذلك إلى أن الاستفهام انكاري.
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) ترك العاطف فيما سبق لأنه مر أولا كلامهم ، فأتى بالجواب مستأنفا من غير عاطف ، ثم أتى بكلام آخر للمستضعفين معطوفا على كلامهم الأول. قوله : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ردّ وإبطال لكلام المستكبرين ، ومكر فاعل بفعل محذوف ، أي صددنا مكركم بنا في الليل والنهار ، فحذف المضاف إليه ، وأقيم الظرف مقامه على الاتساع ، والإسناد مجازي. قوله : (إِذْ تَأْمُرُونَنا) ظرف للمكر ، أي مكركم وقت أمركم لنا ، إلخ. قوله : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) جملة حالية ، أو مستأنفة. قوله : (أي أخفاها كل عن رفيقه) أي فكل أخفى الندم على فعله في الدنيا من الكفر والمعاصي مخافة أن يعيره الآخر. قوله : (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي زيادة على تعذيبهم بالنار.
قوله : (وَما أَرْسَلْنا) إلخ ، هذا تسليه له صلىاللهعليهوسلم. قوله : (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) حال من قرية وإن كانت نكرة ، لوقوعها في سياق النفي ، فنعم فقد وجد المسوغ. قوله : (بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) متعلق بكافرون ، قدم للاهتمام ورعاية للفواصل. قوله : (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) أي فلو لم يكن راضيا بما نحن عليه ، لما أعطانا الأموال والأولاد ، في الدنيا ، وإذا كان كذلك ، فلا يعذبنا في الآخرة. قوله : (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أي لأنه لما أكرمنا في الدنيا ، فلا يهيننا في الآخرة على فرض وجودها.
قوله : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ) إلخ أي فبسط الرزق وضيقه في الدنيا ، ليس دليلا على رضا الله ، فقد يبسط الرزق للكافر ، ويضيقه على المؤمن الخالص ، وقد يكون بالعكس ، وإنما هو تابع للقسمة الأزلية ، قال تعالى : (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) قوله : (لا يَعْلَمُونَ) (ذلك) أي فيظنون أن بسط الرزق وتضييقه ، تابع لرضا الله وغضبه.
قوله : (وَما أَمْوالُكُمْ) إلخ ، كلام مستأنف سيق لتقرير ما سبق تحقيقه. قوله : (بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ) صفة للأموال والأولاد ، لأن جمع التكسير للعاقل يعامل معاملة المؤنثة الواحدة ، ويصح أن تكون التي صفة لموصف محذوف تقديره بالأحوال التي. قوله : (قربى) أشار بذلك إلى (زُلْفى) مصدر من معنى