(لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) (٦) النار الشديد (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧) هذا بيان ما لموافقي الشيطان وما لمخالفيه. ونزل في أبي جهل وغيره (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) بالتمويه (فَرَآهُ حَسَناً) من مبتدأ خبره كمن هداه الله لا ، دل عليه (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ) على المزين لهم (حَسَراتٍ) باغتمامك أن لا يؤمنوا (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٨) فيجازيهم عليه (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) وفي قراءة الريح (فَتُثِيرُ سَحاباً) المضارع لحكاية الحال الماضية أي تزعجه (فَسُقْناهُ) فيه التفات عن الغيبة (إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) بالتشديد والتخفيف لا نبات بها (فَأَحْيَيْنا بِهِ
____________________________________
قوله : (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ) إلخ بيان لوجه عداوته وتحذير من طاعته. قوله : (هذا) أي قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) إلى آخره ، والمعنى من كفر من أول الزمان إلى آخره ، فله العذاب الشديد ، ومن آمن من أول الزمان إلى آخره ، فله المغفرة والأجر الكبير. قوله : (ونزل في أبي جهل وغيره) أي من مشركي مكة ، كالعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب ، وعقبة بن أبي معيط وأضرابهم ، ويؤيد هذا القول آيات منها : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ). ومنها : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ). ومنها : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) وغير ذلك. ففي هذه الآيات تسلية له صلىاللهعليهوسلم على كفر قومه ، وقيل : هذه الآية نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة ، ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم ، استحوذ عليهم الشيطان ، فأنساهم ذكر الله ، أولئك حزب الشيطان ، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ، نسأل الله الكريم أن يقطع دابرهم. وقيل : نزلت في اليهود والنصارى. وقيل : نزلت في الشيطان ، حيث زين له أنه العابد التقي ، وآدم العاصي ، فخالف ربه لاعتقاده أنه على كل شيء.
قوله : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) أي زين له الشيطان ونفسه الأمارة عمله السيىء ، فهو من اضافة الصفة للموصوف. قوله : (بالتمويه) أي التحسين ظاهرا بأن غلب وهمه على عقله ، فرأى الحق باطلا ، والباطل حقا ، وأما من هداه الله ، فقد رأى الحق حقا فاتبعه ، ورأى الباطل باطلا فاجتنبه. قوله : (لا) اشار بذلك إلى أن الاستفهام انكاري. قوله : (دل عليه) أي على تقدير الخبر ، والمعنى حذف الخبر لدلالة قوله : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) إلخ عليه ، وفي هذه الآية رد على المعتزلة الذين يزعمون أن العبد يخلق أفعال نفسه ، فلو كان كذلك ، ما أسند الاضلال والهدى لله تعالى.
قوله : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ) عامة القراء على فتح التاء والهاء ، ورفع نفس على الفاعلية ، ويكون المعنى : لا تتعاط أسباب ذلك ، وقرىء شذوذا بضم التاء وكسر الهاء ، و (نَفْسُكَ) مفعول به ، ويكون المعنى : لا تهلكها على عدم إيمانهم. قوله : (حَسَراتٍ) مفعول لأجله ، جمع حسرة ، وهي شدة التلهف على الشيء الفائت. قوله : (فيجازيهم عليه) أي إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر. قوله : (وفي قراءة التلهف على الشيء الفائت. قوله : (فيجازيهم عليه) أي إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر. قوله : (وفي قراءة الريح) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (لحكاية الحال الماضية) أي استحضارا لتلك الصورة العجيبة التي تدل على كمال قدرته تعالى. قوله : (أي تزعجه) أي تحركه وتثيره. قوله : (فيه التفات عن الغيبة) أي