الْأَرْضَ) من البلد (بَعْدَ مَوْتِها) يبسها أي أنبتنا به الزرع والكلأ (كَذلِكَ النُّشُورُ) (٩) أي البعث والإحياء (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) أي في الدنيا والآخرة ، فلا تنال منه إلا بطاعته فليطعه (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) يعلمه وهو : لا إله إلا الله ، ونحوها (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يقبله (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ) المكرات (السَّيِّئاتِ) بالنبي في دار الندوة من تقييده أو قتله أو إخراجه ، كما ذكر في الأنفال (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) (١٠) يهلك (وَاللهُ
____________________________________
الكائنة في قوله : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ). قوله : (إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) البلد يذكر ويؤنث ، يطلق على القطعة من الأرض ، عامرة أو خالية. قوله : (بالتشديد) والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (لا نبات بها) أي فالمراد بالموت وعدم النبات والمرعى ، وبالحياة وجودهما. قوله : (من البلد) (من) بيانية. قوله : (كَذلِكَ النُّشُورُ) أي كمثل احياء الأرض بالنبات احياء الأموات ، ووجه الشبه ، أن الأرض الميتة لما قبلت الحياة اللائقة بها ، كذلك الأعضاء تقبل الحياة اللائقة بها ، فإن البلد الميت تساق إليها المياه فتحيا بها ، والأجساد تساق إليها الأرواح فتحيا بها.
قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً مَنْ) شرطية مبتدأ ، وجوابها محذوف ، قدره المفسر بقوله : (فليطعه) وقوله : (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ) تعليل للجواب ، واختلف في هذه الآية فقيل : المراد من كان يريد أن يسأل عن العزة لمن هي؟ فقل له : لله العزة جميعا. وقيل : المراد من أراد العزة لنفسه فليطلبها من الله ، فإن له لا لغيره ، وطلبها يكون بطاعته والالتجاء إليه ، والوقوف على بابه ، لما ورد في الحديث : «من أراد عز الدارين فليطع العزيز ، ومن طلب العزة من غيره تعالى كسي من وصفه» وهو الذل ، لأن وصف العبد الذل ، ووصف الله العز ، فمن التجأ إلى الله ، كساه الله من وصفه ، ومن التجأ إلى العبد كساه الله من وصف ذلك العبد ، لما ورد : من استعز بقوم أورثه الله ذلهم ، وقال الشاعر :
وإذا تذللت الرقاب تواضعا |
|
منا إليك فعزها في ذلها |
قوله : (يعلمه) أشار بذلك إلى أن في الكلام مجازا ، فالصعود مجاز عن العلم ، كما يقال : ارتفع الأمر إلى القاضي ، يعني علمه ، وعبر عنه بالصعود ، إشارة لقبوله ؛ لأن موضع الثواب فوق ، وموضع العذاب أسفل ، وقيل : المعنى يصعد إلى سمائه ، وقيل : يحتمل الكتاب الذي كتب فيه طاعة العبد إلى السماء. قوله : (ونحوها) أي من الأذكار والتسبيح وقراءة القرآن. قوله : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ) أي كالصلاة والصوم ، وغير ذلك من الطاعات. قوله : (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ) بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيىء ، بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح. قوله : (المكرات) قدره اشارة إلى أن السيئات ، صفة لموصوف محذوف مفعول مطلق ليمكرون ، لأن مكر لازم لا ينصب المفعول ، والمكر : الحيلة والخديعة. قوله : (في دار الندوة) أي وهي التي بناها قصي بن كلاب للتحدث والمشاورة. قوله : (كما ذكر في الأنفال) أي في قوله تعالى : (إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآيات ، وقد فصلت هناك. قوله : (وَمَكْرُ أُولئِكَ) أتى باسم الاشارة البعيد ، اشارة لبعدهم عن الرحمة واشتهارهم بالبغي والفساد. قوله : (هُوَ يَبُورُ هُوَ) مبتدأ ثان ، و (يَبُورُ) خبره ، والجملة خبر الأول ، ويصح أن يكون ضمير فصل لا محل