المنتفعون بالإنذار (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أداموها (وَمَنْ تَزَكَّى) تطهر من الشرك وغيره (فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) فصلاحه مختص به (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (١٨) المرجع فيجزي بالعمل في الآخرة (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) (١٩) الكافر والمؤمن (وَلَا الظُّلُماتُ) الكفر (وَلَا النُّورُ) (٢٠) الإيمان (وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) (٢١) الجنة والنار (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) المؤمنون ولا الكفار ، وزيادة لا في الثلاثة تأكيد (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ) هدايته فيجيبه بالإيمان (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٢٢) أي الكفار ، شبههم بالموتى فيجيبون (إِنْ) ما (أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) (٢٣) منذر لهم (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ) بالهدى (بَشِيراً) من أجاب إليه (وَنَذِيراً) من لم يجب إليه (وَإِنْ) ما (مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا) سلف (فِيها نَذِيرٌ) (٢٤) نبي ينذرها (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) أي أهل مكة (فَقَدْ كَذَّبَ
____________________________________
تجلى بالجمال رأته الأبصار ، وذلك يحصل في الآخرة لأهل الإيمان ، وقد حصل في الدنيا لسيد الخلق على الإطلاق ، وقد يتجلى بالجمال للقلوب في الدنيا فتراه ، وهي الجنة المعجلة لأهل الله المقربين. قوله : (لأنهم المنتفعون بالإنذار) جواب عما يقال : كيف قصر الإنذار على أهل الخشية ، مع أنه لجميع المكلفين. فأجاب : بأن وجه قصره عليهم انتفاعهم به ، فكأنه قال : إنما ينفع إنذارك أهل الخشية. قوله : (أداموها) أي واظبوا عليها ، بأركانها وشروطها وآدابها ، وفي نسخة أدوها. قوله : (وغيره) أي كالمعاصي. قوله : (فصلاحه مختص به) أي فهو قاصر عليه لا يتعداه ، فيجزى بالعمل في الآخرة ، أي الخير والشر.
قوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) إلخ ، مثل ضربه الله المؤمن والكافر ، وأفاد أولا الفرق بين ذاتيهما ، وثانيا بين وصفيهما ، وثالثا بين داريهما في الآخرة ، وأما قوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ) إلخ ، فهو مثل آخر على أبلغ وجه ، لأن الأعمى ربما يكون فيه بعض نفع ، بخلاف الميت. قوله : (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) جمع (الظُّلُماتُ) باعتبار أنواع الكفر ، فإن أنواعه كثيرة ، بخلاف الإيمان ، فهو نوع واحد. قوله : (وَلَا الْحَرُورُ) هي الريح الحارة ، خلاف السموم ، فالحرور تكون بالنهار ، والسموم بالليل ، وقيل : الحرور والسموم : الليل والنهار. قوله : (وزيادة لا في الثلاثة) أي في الجمل الثلاث التي أولها (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) وثانيها (وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) وثالثها (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) وإنما زيدت للتأكيد في الجميع ، لأن نفي المساواة معلوم من ما النافية. قوله : (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ) من هنا إلى قوله : (نَكِيرِ) تسليه له. قوله : (شبههم بالموتى) أي في عدم التأثر بدعوته.
قوله : (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) أي فليس عليك إلا التبليغ ، والهدى بيد الله يؤتيه من يشاء. قوله : (بِالْحَقِ) حال من الكاف ، بدليل قول المفسر (بالهدى) كأنه قال : أرسلناك حال كونك هاديا. (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ) أي تعلمها ، وقوله : (نبي ينذرها) أي يخوفها من عقاب الله ، وتنقضي شريعته بموته ، فما بين الرسولين من أهل الفترة ، وهم ناجون من أهل الجنة ، وإن غيروا وبدلوا وعبدوا غير الله ، بنص قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وأما ما ورد من تعذيب بعض أهل الفترة ، كعمرو بن لحي ، وامرىء القيس ، وحاتم الطائي ، فقيل : إن ذلك لحكمة يعلمها الله لا لكفرهم ، والتحقيق أنه خبر آحاد ، وهو لا يعارض النص القطعي ، وتقدم الكلام في ذلك عند قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى