ليكون ذلك منافيا لأخذ شيء من القصود الثلاثة في متعلّق الأمر. (١)
وفيه : أنّ المفروض هو كفاية قصد الامتثال بنفسه من دون حاجة إلى إرجاعه إلى قصد المحبوبيّة أو الحسن أو المصلحة.
فالأولى هو أن يقال : كما أشرنا إليه آنفا من : أنّ اعتبار قصد حسن الفعل أو مصلحته أو محبوبيّته لتصحيح قصد القربة. ولا خصوصيّة فيه ، فإذا أتى بنفس الفعل مع قصد الأمر حصل القربة أيضا ولا حاجة إلى انضمام سائر الدواعي ، فكفاية قصد الامتثال لا ينافي أخذ سائر الدواعي في المتعلّق تصحيحا لقصد القربة.
فتحصّل أنّه لا خصوصيّة للدواعي المذكورة في تحصيل القربة والمناط هو الإتيان بالفعل مع القربة سواء حصل بقصد الدواعي المذكورة الممكنة أخذها في المتعلّق أو بقصد الأمر الذي توهّم عدم إمكان أخذه في متعلّق الأمر وعليه فكفاية قصد الامتثال لا ينافي أخذ الدواعي الثلاثة في متعلّق الأمر.
ولا يلزم من ذلك محذور لأنّ قصد الأمر على المفروض ليس مأخوذا في المتعلّق ولو بنحو التخيير ، بل المأخوذ هو الدواعي الثلاثة.
وممّا ذكر يظهر ما في المحكيّ في تعليقة المشكينيّ قدسسره من أنّ كلّ واحد من الأمور المذكورة إمّا أن يعتبر تعيينا فهو باطل للعلم بكفاية الاقتصار على قصد الامتثال أو يعتبر تخييرا بينه وبين قصد الامتثال فيعود المحذوران من الدور وسلب القدرة لعدم الفرق بين كونه مأخوذا تعيينا أو تخييرا.
وذلك لما عرفت من أنّ المفروض هو عدم أخذ قصد الأمر أصلا ولا خصوصيّة للامور المذكورة في تحصيل القربة بل الملاك هو الإتيان بالفعل مع القربة بها أو بقصد الأمر فلا تغفل.
__________________
(١) نهاية النهاية ١ / ١٠٨.