ثمّ قال : ولك أن تذبّ عن الأوّل ببعض ما قدّمناه في قصد الأمر ، أضف إليه أنّه يمكن أن يقال : إنّ للصلاة مصلحة بنحو الجزء الموضوعيّ ولمّا رأى المكلّف أنّ قصدها متمّم للمصلحة فحينئذ لا محالة تصير داعية إلى إتيانها بداعي المصلحة من غير لزوم كون الداعي داعيا. (١)
وبذلك يتّضح قطع الدور فإنّ قصد المصلحة التي هي جزء الموضوع يتوقّف عليها وهي لا تتوقّف على القصد.
وبما أنّ المكلّف شاعر بأنّ هذا القصد موجب لتماميّة الموضوع وحصول الغرض فلا محالة تصير داعيا إلى إتيان الفعل قاصدا.
نعم لا يمكن قصد تلك المصلحة مجرّدة ومنفكّة عن الجزء المتمّم وفيما نحن فيه لا يمكن التفكيك بينهما.
وأمّا الجواب عن الثالث (٢) فبمثل ما سبق من أنّ الداعي والمحرّك إلى إتيان
__________________
ـ عنها فكيف يعقل أن يؤخذ ما هو في مرتبة سابقة على الشيء فيما هو متأخّر عنه وإلّا لزم أن يكون الشيء الواحد متقدّما على ذلك الشيء ومتأخّرا عنه في آن واحد وفرض واحد وهو عين الخلف. (١ / ٢٣٥).
(١) ونظير هذا الجواب في بدائع الأفكار ؛ حيث قال : ويمكن دفع الإشكال المزبور بأنّ موضوع المصلحة وإن كان الفعل المقيّد بالدعوة إلّا أنّ الفعل نفسه مقوّم لموضوع المصلحة وفيه استعداد لحصولها به حيث ينضمّ إليه القيد المزبور فالعاقل إذا تصوّر أنّ الصلاة مثلا مستعدّة لحصول القرب بها من الله تعالى أو النهي عن الفحشاء إذا انضمّ إليها دعوة المصلحة المذكورة كان ذلك التصوّر كافيا في دعوة العبد إلى فعل الصلاة كما هو الشأن في المصالح القائمة بالأفعال القصديّة كالتعظيم مثلا القيام في وجه القادم مستعدّ ليكون تعظيما له حيث يكون فاعله قاصدا به التعظيم مع أنّ الدور المزبور جار فيه لأنّ قصد التعظيم متوقّف على كونه تعظيما وكونه تعظيما متوقّف على قصد التعظيم ولكن هذا الدور كسابقه مندفع بما أشرنا إليه. (١ / ٢٣٥)
(٢) هذا مضافا إلى ما في بدائع الأفكار من : أنّ دعوة الداعي التي نقول بإمكان أخذها قيدا في ـ