المأمور به بعض المبادئ الموجودة في نفس المكلّف كالحبّ والخوف والطمع وتصير تلك المبادئ داعية إلى طاعة المولى بأيّ نحو أمر وشاء. فإذا أمر بإتيان الصلاة بداعي المصلحة تصير تلك المبادئ المتقدّمة داعية إلى إتيانها بداعي المصلحة من غير لزوم تأثير الشيء في علّته. (١)
بقي هنا إشكال آخر وهو كما في تعليقة الأصفهانيّ قدسسره : أنّ هذه الدواعي بين ما لا يوجب العباديّة والقربيّة وما يتوقّف على عباديّة الفعل وقربيّته. أمّا الإتيان بداعي كونه ذا مصلحة فقد عرفت سابقا أنّه بمجرّده لا يوجب الارتباط إلى المولى ولا انطباق عنوان حسن عليه وأمّا الإتيان بداعي كونه ذا مصلحة موافقة للغرض وداعية للمولى إلى إرادة ذيها فهو وإن كان يوجب الارتباط وانطباق الوجه الحسن لكنّه لا يعقل تعلّق الإرادة بما فيه مصلحة داعية إلى شخص هذه الإرادة وكما لا يمكن إرادة فعل بداعي شخص هذه الإرادة كذلك إرادة فعل بداعي ما يدعو إلى شخص هذه الإرادة بما هو داع إليها لا بذاته.
وأمّا الإتيان بداعي الحسن الذاتيّ أو بداعي أهليّته تعالى أوله تعالى بطور لام الصلة لا لام الغاية فكلّ ذلك مبنيّ على عباديّة المورد مع قطع النظر عن تلك الدواعي أمّا الأوّل فواضح وأمّا الأخيران فلانّه تعالى أهل لما كان حسنا وعبادة لا لما
__________________
ـ متعلّق الأمر ليست هي شخص الدعوة التي أوجبها نفس الأمر بل هي دعوة المصلحة والحبّ إلى إتيان العمل التي توجبها في نفس العبد دعوة الأمر المتوجّه إليه فالأمر المتعلّق بفعل الصلاة مثلا بداعي مصلحتها يدعو المكلّف إلى الإتيان بالصلاة بداعي مصلحتها فيكون الأمر من قبيل الداعي إلى الداعي كما هو المشهور في تصحيح أخذ الأجرة على العبادة والمحذور إنّما يلزم لو كان المأخوذ في متعلّق الأمر شخص الدعوة التي يوجبها الأمر في نفس المكلّف لا دعوة اخرى توجبها دعوة الأمر. (١ / ٢٣٦)
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٥٩.