وهذا مخالف لضرورة الدين وإجماع المسلمين وإن لم يكن كافيا عاد محذور الدور. (١)
يمكن أن يقال : إنّ قصد التعظيم الذاتيّ كالسجدة له تعالى لا يخلو عن القربة لأنّه مقرّب بالذات ولا يلزم في قصد القربة قصدها بالمفهوم الاسميّ بل يكفي عنها قصد ما يقصد عليه القربة وأمّا قصد التعظيم غير الذاتيّ ممّا لا يكشف كونه تعظيما إلّا بالأمر الشرعيّ فهو يرجع إلى قصد التعظيم التعبّديّ ومعناه هو قصد ما جعله الشارع تعظيما إذ بعد ورود الأمر بمركّب صلاتيّ مثلا لا نصير عالمين وقاطعين إلّا بالتعظيم التعبّديّ وهو أيضا لا يخلو عن القربة لأنّ قصد ما جعله الشارع تعظيما له قربة وعليه فلا يكون مخالفا لضرورة الدين والإجماع.
نعم يرد عليهم بأنّ قصد التعظيم التعبّديّ بالمعنى المذكور قصد إلى ما أمر به تعبّدا فلا يصحّ دعوى خلوّ العبادة عن قصد الأمر.
هذا مضافا إلى أنّ تفسير العبادة بإظهار العظمة والشكر كما ترى. لأنّ العبادة المصطلحة التي عبّر عنها في اللغة العربيّة بالتألّه وفي اللغة الفارسيّة ب «پرستش» لا تتحقّق بمطلق التعظيم والخضوع ولذا لا يكون تعظيم النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والائمّة الأطهار عليهمالسلام في زمن حياتهم ومماتهم عبادة مع أنّ التعظيم بالنسبة إليهم حصل في نهايته وأعلاه.
وعليه فالعبادة هي التعظيم في مقابل الغير بعنوان أنّه ربّ أو خالق يستحقّ العبادة سواء كان بمثل السجدة التي تكون تعظيما وخضوعا ذاتا أو بغيرها التي تحتاج الاطّلاع إلى كونه تعظيما إلى نصّ شرعيّ كالصلاة والصوم ونحوهما من العبادات الشرعيّة.
وعليه فمجرّد الخضوع والتعظيم له تعالى من دون اعتبار قصد التألّه ليس
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ١٠٤.