الإنسان الذي إكرامه مطلوب أصليّ وكيف كان فهذا الأمر ليس أمرا صوريّا بل هو أمر حقيقيّ وطلب واقعيّ لكون متعلّقه متّحدا في الخارج مع المطلوب الأصليّ.
نعم يبقى الإشكال في أنّ هذا الفعل أعني الفعل المقيّد بعدم الدواعي النفسانيّة ممّا لا يقدر المكلّف على إيجاده في مرتبة الأمر فكيف يتعلّق الأمر به وقد عرفت جوابه في المقدّمة الثالثة. هذا. (١)
أورد عليه في نهاية الاصول أنّ ما ذكر صرف تصوير في مقام الثبوت ضرورة أنّه ليس لنا في واحد من العبادات ما يستفاد منه اعتبار قيدين بحسب الواقع بنحو التركيب وتعلّق الطلب ظاهرا بالمقيّد بعدم الدواعي النفسانيّة بل الذي دلّ عليه الأدلّة الشرعيّة هو لزوم صدور الفعل عن داع إلهيّ. (٢)
ولقائل أن يقول : إنّ ما ذكره صاحب الدرر يكفي لرفع الإشكالات الواردة في مقام الثبوت لأخذ قصد الامتثال أو سائر دواعي القربة في متعلّق التكليف.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ صاحب الدرر استظهر في المقدّمة الاولى أنّ الأنسب بالإخلاص المعتبر في العبادات هو اعتبار قيدين بحسب الواقع بنحو التركيب فلا يكون كلامه ناظرا إلى خصوص مقام الثبوت.
ولكن مع ذلك لا يرد عليه ما ذكر من «أنّ الذي دلّ عليه الأدلّة الشرعيّة هو لزوم صدور الفعل عن داع إلهيّ» على نحو البساطة. لأنّ الإخلاص المعتبر في الأعمال العباديّة بمثل قوله تعالى : (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) هو مركّب من ترك سائر الدواعي النفسانيّة مع الإتيان بداع إلهيّ إذ إخلاص الإطاعة لا يتحقّق بدون ترك سائر الدواعي النفسانيّة.
__________________
(١) الدرر / ٩٨ ط. جديد.
(٢) نهاية الاصول ١ / ١٠٤.