أورد عليه في منتهى الاصول أيضا أوّلا : بأنّ أخذ شيء في متعلّق الأمر بدون أن يكون له دخل في المصلحة والملاك لا يمكن لأنّ البعث إلى شيء لا مصلحة فيه جزاف.
إن قلت : بأنّ أخذه في المتعلّق من باب أنّه عنوان مشير إلى ما هو المراد الحقيقيّ فتعود المحاذير لأنّ معنى هذا الكلام هو أنّ الإرادة ـ حقيقة ـ تعلّقت بإتيان الذات بقصد الأمر وقد ذكرنا عدم إمكان ذلك .. إلى أن قال :
وثانيا : بأنّ هذا الفرض أي العنوان الملازم وجودا وعدما صرف فرض لا واقع له والأثر للوجود الواقعيّ المفروض لا لصرف الفرض. والحاصل أنّه لا يوجد عنوان ملازم لخصوص قصد الأمر أو مطلق قصد القربة. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ مراد صاحب الدرر كما صرّح به في المقدّمة الثانية هو أنّ الشيء المأخوذ في متعلّق الأمر يكون كالواجب للغير (مثل الغسل للطهارة قبل طلوع الفجر في شهر رمضان المبارك) وعليه فهو مطلوب ومورد البعث بنفسه وإن كان البعث إليه والأمر به بملاحظة حال الغير فلا وجه للحكم بالجزاف في مثل البعث إليه وليس العنوان المذكور عنوانا مشيرا حتّى يعود المحاذير بل هو بنفسه مورد البعث والأمر.
وثانيا : أنّ عدم الدواعي النفسانيّة عنوان ملازم لقصد الأمر وداع إلهيّ إذ لا يمكن الإتيان بالفعل مع عدم الدواعي النفسانيّة وعدم وجود داع إلهيّ وعليه فلا وجه لقول منتهى الاصول بأنّ العنوان الملازم وجودا وعدما صرف فرض لا واقع له فلا تغفل.
فتحصّل أنّه لا مانع في الوجه المذكور لتصحيح أخذ قصد القربة في متعلّق العبادات فلا تغفل.
__________________
(١) منتهى الاصول ١ / ١٤٣ ـ ١٤٤.