وأمّا بناء على عدم دلالة الأمر على المرّة والتكرار وضعا وتقدير الايجاد أو الوجود بحكم العقل فإن أتى بفرد فلا مجال معه للامتثال الثاني أيضا لتحقّق الطبيعة بإتيان الفرد الأوّل ومعه يسقط الأمر بالطبيعة ومعه لا يعقل الامتثال الثاني من دون فرق بين كون الامتثال علّة تامّة لحصول الغرض الأقصى وبين عدمه كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضّأ فأتى به ولم يشرب أو لم يتوضّأ فعلا.
فإنّ الملاك في سقوط الأمر هو حصول الطبيعة وبإتيان الفرد حصلت الطبيعة وعدم سقوط الغرض الأقصى لا يضرّ بعد سقوط الغرض الأدنى الذي كان داعيا للأمر بالطبيعة والمفروض أنّ الغرض الأدنى وهو التمكّن من الشرب أو التوضّؤ حاصل بإتيانها.
ولذلك أورد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره على صاحب الكفاية «حيث ذهب إلى الفرق بين ما إذا كان امتثال الأمر علّة تامّة لحصول الغرض الأقصى بحيث يحصل بمجرّده فلا يبقى معه مجال لإتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر أو بداعي أن يكون الإتيانان امتثالا واحد لما عرفت من حصول الموافقة بإتيانها وسقوط الغرض معها وسقوط الأمر بسقوطه فلا يبقى مجال لامتثاله أصلا وبين ما إذا لم يكن الامتثال علّة تامّة لحصول الغرض كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضّأ فأتى به ولم يشرب أو لم يتوضّأ فعلا فلا يبعد صحّة تبديل الامتثال بإتيان فرد آخر أحسن منه بل مطلقا كما كان له ذلك قبله.» بأنّ الغرض من الأمر في نظير المثال هو التمكّن من الشرب وهو حاصل مع الإتيان بالماء فلا معنى لبقاء الأمر مع حصوله نعم لو اريق الماء تجدّد الإرادة الملزمة بإتيان الماء ثانيا لزوال التمكّن من الشرب أو التوضّؤ ومع العلم بالإرادة المذكورة وزوال التمكّن سواء أمر أو لم يأمر بها يحكم العقل بوجوب الإتيان بالطبيعة ثانيا ولكنّه ليس امتثالا للأمر الأوّل بل هو امتثال للأمر الثاني.
وهكذا لو علم بعد الإتيان بالفرد وسقوط الأمر أنّ للمولى إرادة استحبابيّة