مع القدرة والتمكّن. (١)
وفيه أنّ مع الغمض عمّا ذكرنا من أنّ الفوريّة من مقتضيات البعث عند العقلاء لا وجه لدعوى حكم العقل بوجوب المبادرة مع إطلاق الهيئة والمادّة من دون تقييد بالفور أو التراخي إذ إطلاقهما يكفي في جواز التراخي ولو مع احتمال طروّ الاضطرار كالواجبات الموسّعة فلا تغفل.
ومنها : أنّ قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ...) الآية. (٢) يدلّ على الفوريّة لأنّ المأمور به من الخيرات فالآية دالّة على وجوب الاستباق إليه وليس هو إلّا الفوريّة.
وهكذا قوله تعالى : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ...) الآية. (٣) وقوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ...) الآية (٤).
يدلّان على الفوريّة فإنّ المراد من المغفرة ليس نفسها لكونها فعل الله تعالى بل المراد منها هي الأسباب المعدّة لحصولها وهي الواجبات.
وعليه فالمستفاد من الآيتين أنّ الاستباق والمسارعة نحو إتيان المأمور به واجبان في أوّل أزمنة الإمكان.
وفيه أوّلا كما أفاد سيّدنا الاستاذ أنّ صدق المغفرة على الواجبات باعتبار كونها مكفّرة للسيّئات محلّ تأمّل ومع الشكّ في صدقها لا وجه للتمسّك بالآية المباركة لأنّه تمسّك بالعامّ في الشبهات الموضوعيّة.
__________________
(١) نهاية النهاية ١ / ١١٦.
(٢) البقرة / ١٤٨.
(٣) الحديد / ٢١.
(٤) آل عمران / ١٣٣.