وممّا ذكر يظهر ما في بدائع الأفكار ومنتهى الاصول حيث ذهبا إلى الظهور الإطلاقيّ (١) وما في المحاضرات ونهاية النهاية حيث ذهبا إلى الظهور العقليّ فراجع. (٢)
ولعلّ منشأ الاشتباه هو الخلط بين صيغة الأمر ومادّة الأمر أو جعل معنى الأمر هو الطلب مع أنّ الأمر بمعنى (فرمان) في اللغة الفارسيّة هو الطلب مع الإلزام لا صرف الطلب.
وكيف كان فمع دلالة اللفظ بوضعه على الإلزام لا حاجة إلى مقدّمات الحكمة أو الدليل العقليّ لإثبات الإلزام كما لا يخفى.
ويستبين ممّا تقدم أنّ لفظ الأمر ظاهر بنفسه في طلب الفعل على سبيل الإلزام والوجوب.
وعليه فكلّما ورد خطاب في الكتاب والسنّة بلفظ الأمر فهو يفيد الوجوب إلّا إذا قامت قرينة على الخلاف فإذا قيل «هذا ممّا أمر الله به» يعلم منه أنّه من الواجبات كما أنّ مادّة النهي بقرينة المقابلة ظاهرة في طلب ترك الشيء على سبيل الإلزام والإيجاب فإذا ورد «أنّ ذلك من النواهي» يعلم منه أنّه من المحرّمات إلّا إذا قامت قرينة على الخلاف ويتفرّع على ذلك أنّ الواجب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو طلب فعل المعروف وطلب ترك المنكر على سبيل الإلزام والإيجاب إذ المأمور به هو الأمر والنهي في مثل قوله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(٣) وقول الرضا عليهالسلام : «لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم شراركم
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ١٩٧ ومنتهى الاصول ١ / ١١٢.
(٢) المحاضرات ٢ / ١٣ ونهاية النهاية ١ / ٩١.
(٣) لقمان / ١٦.