الاضطرار ناظرة إلى الأدلّة الأوّليّة.
ويشهد له أيضا فتوى الأصحاب بصحّة الوضوء أو الغسل الضرريّين إذا أتى بهما جهلا وغفلة مع أنّه لو كان مقتضى أدلّة الاضطرار هو التنويع وإخراج مورد الاضطرار فلا وجه للصحّة في صورة الجهل والغفلة إذ لا أمر ولا مصلحة فيما إذا كانا ضرريّين فالحكم بصحّتهما في حال الجهل والغفلة يدلّ على أنّ مفاد أدلّة الاضطرار ليس كمفاد أدلّة التخصيص التي تخرج الأفراد عن تحت مادّة العموم بحيث لا يبقى للعموم بالنسبة إليها اقتضاء بل مفادها هو التصرّف في هيئة الأوامر الأوّليّة بسقوطها عن الفعليّة من باب الامتنان ففي حال الجهل والغفلة حيث يكون الوضوء أو الغسل مشتملين على المصلحة ولهما الأمر الأوّليّ فالإتيان بهما إتيان بالمطلوب الواقعيّ فللحكم بالصحّة مجال كما أنّ في صورة الإتيان بالتيمّم ورفع الاضطرار في الوقت يمكن النزاع في كفاية التيمّم عن الوضوء أو الغسل في صحّة ما أتى به من العبادات وعدمها هذا بخلاف ما إذا لم نقل بالتعدّد فإنّ الإتيان بالتيمّم مع أنّه لا أمر إلّا به يوجب الإجزاء قطعا ولا مجال للنزاع في الإجزاء وعدمه.
ثمّ إنّ النزاع يبتني على شمول إطلاق أدلّة العمل الاختياريّ لحالة طروّ الاختيار بعد رفع الاضطرار وإلّا فيكفي في عدم وجوب الإعادة والقضاء عدم إطلاق الأدلّة الأوّليّة بالنسبة إلى حالة طروّ الاختيار بعد رفع الاضطرار.
فبعد فرض إطلاق أدلّة العمل الاختياريّ يقع النزاع بعد الإتيان بالاضطراريّ وعروض حالة الاختيار في الوقت عن أنّه هل يجزي العمل الاضطراريّ عن العمل الاختياريّ أو لا يجزي بل يلزم العمل الاختياريّ بعد شمول إطلاق دليله لحالة طروّ الاختيار بعد الاضطرار.
وأمّا ابتناء النزاع على ملاحظة الجهات الواقعيّة من المصالح والمفاسد في المتعلّقات وحصر الجهات الواقعيّة في الأقسام الأربعة ففيه منع لامكان البحث