الجهة الثانية : في إجزاء عمل المقلّد وعدمه عند تبدّل رأي مجتهده :
ولا يخفى عليك أنّ ظاهر أدلّة اعتبار الفتاوى كقوله عليهالسلام لأبان بن تغلب اجلس في مسجد المدينة وأفت للناس فإنّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك.
أو كقوله في جواب من سئل عمّن آخذ معالم الدين (خذ) من زكريّا بن آدم القميّ المأمون على الدين والدنيا وغير ذلك من الأخبار الكثيرة هو الاكتفاء بفتوى المفتين من علماء الشيعة في مقام الامتثال للتكاليف الواقعيّة بالتقريب الذي عرفت في الأمارات والاصول الظاهريّة.
هذا مضافا إلى إمكان الاستدلال هنا بالاطلاق المقاميّ في مثل تلك الأدلّة إذ مع وقوع الاختلاف وتبدّل الرأي بين المفتين لم يرد شيء في الأخبار يدلّ على وجوب الإعادة والقضاء فهو يدلّ على عدم وجوبهما وإلّا لأشير إليه في الأخبار على أنّ السيرة المتشرّعة من لدن صدر الإسلام تكون على عدم الإعادة والقضاء عنه تبدّل الرأي.
ولا فرق في ما ذكر بين أن تكون الأمارات معتبرة على الطريقيّة أو السببيّة فإنّ المعيار هو الاستظهار المذكور من أدلّة الاعتبار والإطلاق المقاميّ وقيام السيرة المتشرّعة وهذه الأمور جارية على كلّ التقادير.
الجهة الثالثة : في إجزاء عمل المقلّد عند الرجوع عن الميّت إلى الحيّ أو عند عدوله من الحيّ إلى الحيّ بناء على جواز ذلك.
والظاهر أنّ حكم المقام هو الذي عرفته في المسائل المتقدّمة إذ بعد حجّيّة رأي المجتهد الأوّل في ظرف التقليد عنه ودلالة أدلّة اعتباره على حكومة رأيه على الواقعيّات كسائر الأمارات وسقوط الأوامر الواقعيّة تعبّدا بإتيانها طبقا لرأي المجتهد