الإرادة بالمتأخّر فلا إشكال فيها أيضا وإن قلنا باستحالة ذلك يشكل هنا أيضا وهكذا إرادة البعث الناشئة من إرادة فعل الغير أيضا إرادة نفسانيّة وهي ممكنة إذا كان الغرض من البعث هو إمكان الانبعاث طبق ما بعث إليه اذ مع البعث نحو أمر حالي فالانبعاث الحالي ممكن كما أنّ مع البعث نحو أمر استقباليّ فالانبعاث الاستقباليّ في الوقت المذكور ممكن ولا يلزم أزيد من ذلك في إمكان البعث هذا بخلاف ما إذا كان الغرض من البحث نحو أمر متأخّر هو إمكان الانبعاث الحالي فإنّه غير ممكن للزوم الخلف وهذه الإرادة ايضا تسمى ايضا بالارادة التشريعية باعتبار تعلقها بالبعث والحكم والتشريع فالإرادة فيه أيضا ليست اعتباريّة كما لا يخفى والقول بأنّ الإرادة التشريعيّة هي نفس البعث وهو أمر اعتباريّ كما ترى فتقسيم الإرادة إلى التكوينيّة والتشريعيّة لا إشكال فيه.
وثانيا : إنّ تفسير الإرادة بإعمال القدرة ناش من توهّم عدم انفكاكها عن تحرك الأعضاء مع أنّ الإرادة ليست ملازمة لذلك لما عرفت من تعلّق الإرادة بايجاد الصور الذهنيّة مع أنّه لا تحريك للأعضاء هنا وأيضا أنّ الله سبحانه وتعالى مريد للأشياء مع أنّه لا تحريك للأعضاء هذا مضافا إلى أنّ إعمال القدرة متفرّع على الإرادة وهو عين الإرادة بل هي بمعنى العزم والتصميم الموجب لتحريك الأعضاء كثيرا ما.
وثالثا : إنّه لو سلّمنا أنّ الإرادة بمعنى إعمال القدرة فهي تابعة لكيفيّة المراد فإن كان متأخّرا فإعمال القدرة بالنسبة إليه في المتأخّر لا المتقدّم وإلّا لزم الخلف.
وعليه فمن أراد وقوع المتدرّجات اختارها كذلك وأعمل القدرة كذلك تابعا لتدرّجها ولا يعمل القدرة قبل مجيء وقتها لأنّه خلف في إرادة المتدرّجات ولعلّ صدور المتدرّجات في موقعها بالإرادة الارتكازيّة من دون توجّه تفصيليّ إليها شاهد على أنّ المؤثّر فيها هو الإرادة الأوّليّة المتعلّقة بوقوعها وعليه فرفع الإشكال في تعلّق البعث بأمر متأخّر يحتاج إلى ما عرفت في الإرادة التكوينيّة من إمكان تعلّقها بالمتأخّر