فالتعبير بأنّ تقييد المادّة معلوم تفصيلا في غير محلّه.
ويمكن أن يقال أوّلا : أنّا لا نسلّم إيجاب تقييد المادّة لإبطال محلّ إطلاق الهيئة لما عرفت من أنّ التضييق في ناحية المبعوث إليه لا في ناحية البعث بل هو مطلق من جهة مجيء قيد المادّة وعدمه.
وثانيا : أنّ لفظ التقيّد لا دخالة له بل المراد هو العلم التفصيليّ بعدم الإطلاق في ناحية المادّة فمع العلم بعدم الإطلاق سواء كان القيد راجعا إليها ابتداء أو راجعا إلى الهيئة لا مجال لأصالة الإطلاق هذا بخلاف الهيئة فإنّ تقييدها مشكوك بالشكّ البدويّ فيجوز التمسّك بأصالة الإطلاق فيها لا بقاء احتمال التقييد فيها.
اورد على هذا الوجه أيضا السيّد الخوئيّ قدسسره حيث قال إنّ تقييد كلّ من الهيئة والمادّة مشتمل على خصوصيّة مباينة لما اشتمل عليه الآخر من الخصوصيّة فإنّ تقييد الهيئة مستلزم لأخذ القيد مفروض الوجود وتقييد المادّة مستلزم لكون التقييد به مطلوبا للمولى وعلى ضوء هذا الأساس فليس في البين قدر متيقّن لنأخذ به وندفع الزائد بالاطلاق (١).
ويمكن أن يقال إنّ القدر المتيقّن هو عدم إطلاق المادّة لتضييقها إمّا بالتقييد أو بالتضييق القهريّ فلا مجال بعد العلم التفصيليّ بعدم الإطلاق لجريان أصالة الإطلاق فيها وعدم وجود القدر المتيقّن بين التقيّدين لا ينافي العلم بعدم إطلاق المادّة كما لا يخفى وبعد جريان أصالة الإطلاق في ناحية الهيئة لكون الشكّ في تقييدها شكّا بدويّا بعد الانحلال يمكن الأخذ بإطلاقها وإثبات أنّ الوجوب ليس مقيّدا بشيء وأمّا حكم القيد في طرف المادّة فحيث كان مردّدا بين كونه قيدا له بحيث يجب تحصيله وبين كونه قيدا للوجوب فلا يجب تحصيله ولا يجري أصالة الإطلاق فيه أمكن التمسّك فيه
__________________
(١) المحاضرات : ج ٢ ص ٢٤٣.