مقدّمات الواجب أو حين تركها جميعا إنّما هما من رشحات ثواب الواجب النفسيّ وعقاب تركه لا أنّهما شيء آخر ثبت في حقّ المكلّف بسبب آخر ، إذ لا قيمة لشيء من المقدّمات عند العقلاء مع قطع النظر عن ذيها.
نعم ، لا بدّ من قصد التوصّل بفعل المقدّمة إلى الواجب النفسيّ في استحقاق المدح عند العقلاء والثواب عند الشارع وإن لم يتحقّق بذلك بها الوصول إليه ؛ فلو فعل المكلّف بعض المقدّمات لا بقصد التوصّل إلى ذيها لا يستحقّ المدح عند العقلاء ، إذ لا يرونه متلبّسا بامتثال الواجب النفسيّ ـ إلى أن قال ـ : وقد ظهر بما ذكرنا أنّ الثواب المترتّب على فعل المقدّمة ليس هو ثواب الانقياد ، بل هو ثواب الواجب النفسيّ الذي استحقّه المكلّف بمجرّد الشروع في فعل مقدّماته في نظر العقلاء ، وعجّلوا له الجزاء بالمدح والثناء اللذين لا يستحقّ شيئا منهما المكلّف عندهم إلّا بامتثال الواجب النفسيّ (١).
أورد عليه سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره أنّ الاشتغال بالواجب النفسيّ لا يكون إلّا بالشروع فيه نفسه لا مقدّماته ، ولو أطلق عليه لا يكون إلّا من باب التوسّع وهو لا يوجب شيئا.
مع أنّ مجرّد الاشتغال بالنفسيّ أيضا لا يوجب الاستحقاق ؛ فالاشتغال بالصلاة لا يوجب استحقاق الأجر عند الله ولا الاجرة على الآمر أو المستأجر وإنّما الأجر والاجرة على الإتيان بمتعلّق الأمر ، ولا يكون ذلك إلّا بإتمام الواجب ـ إلى أن قال ـ : وأمّا رشح ثواب الواجب النفسيّ على المقدّمات فممّا لا يرجع إلى محصّل ومعنى معقول ، مع أنّه على فرض صحّته لازمه عدم كثرة الثواب مع كثرة المقدّمات ، لأنّ الثواب النفسيّ على الفرض مقدار محدود يترشّح منه إلى المقدّمات (٢).
__________________
(١) بدائع الأفكار : ١ / ٣٧٦.
(٢) مناهج الوصول : ١ / ٣٨١.