فالثواب تابع للجعل ؛ فقد يجعل على ذي المقدّمة ، وقد يجعل عليها أيضا كما في زيارة مولانا أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، حيث ورد الثواب على كلّ خطوة لمن زاره ماشيا. وهذا المسلك غير بعيد في الجملة ، ومعه لا إشكال في الثواب الوارد على المقدّمات ؛ والالتزام بكونها عبادة بنفسها بعيد عن الصواب (١).
وأمّا مع قطع النظر عن الجعل فلا مجال للاستحقاق بعد وضوح أنّ الغيريّات بما هي هي خالية عن الغرض والبعث ، لأنّ مع خلوّها عن الغرض النفسيّ والبعث والزجر النفسيّ لا يترتّب على موافقته ثواب ولا على مخالفته عقاب ، فإنّهما متفرّعان على المقرّبيّة والمبعّديّة الحاصلة من إطاعة أمرها أو مخالفتها. والمفروض هو خلوها عن البعث والزجر النفسيّ.
نعم ، يكون للغيريّات بما هي الوصلة للواجبات النفسيّة موافقة ومخالفة ، ولكنّها لا تعدّ موافقة ومخالفة اخرى في قبال موافقة النفسيّة ومخالفتها ، فاستحقاق الثواب والعقاب على موافقة الغيريّات ومخالفتها لا أصل له.
وربّما يوجّه ترتّب الثواب والعقاب على موافقة الواجب الغيريّ ومخالفته بوجوه :
منها : ما في بدائع الأفكار من أنّ من يأتي بالمقدّمة بقصد التوصّل إلى ذيها يراه العقلاء متلبّسا بامتثال الواجب النفسيّ ومستحقّا للمدح والثواب في ذلك الحين ، وإن لم يكن مشتغلا بنفس الواجب النفسيّ ، كما أنّه لو لم يأت بشيء من مقدّماته في الوقت الذي يلزم الامتثال فيه يرونه متلبّسا بعصيانه ومستحقّا للذمّ والعقاب في ذلك الحين ، وإن لم يدخل في الوقت الذي يكون ظرفا للواجب النفسيّ لو أخذ في امتثاله. وهذا المدح والثواب والذمّ والعقاب اللذان يستحقّهما المكلّف حين الشروع بفعل بعض
__________________
(١) منهاج الوصول : ١ / ٣٧٩.