بمعناها الاسم المصدريّ مع أنّها أظهر في أنّ المراد من الطهارة أمر آخر يدوم ما لم يعرضه النواقض.
وثالثا : أنّ مجرّد كون شيء مورد الأمر والبعث لا يستلزم كونه عبادة ، والنظافة المأمور بها في تطهير المتنجّسات محبوبة ومبعوثة اليها ومع ذلك لا تكون إلّا توصّليّا ، فافهم.
وبالجملة ، إثبات الاستحباب النفسي وعباديّة الطهارات في نفسها بتلك الاستدلالات محلّ إشكال ونظر ، وبقيّة الكلام في محلّه.
ودعوى أنّ الطهارات الثلاث صالحة ذاتا للعباديّة من دون إقامة دليل على استحبابها نفسا كما ترى.
فتحصّل أنّ الوجه في عباديّة الطهارات الثلاث بعد ما عرفت من عدم ثبوت الاستحباب النفسيّ هو قصد التوصّل بها إلى إحدى الغايات المطلوبة ، ولا يفيد قصد الأمر الغيريّ بناء على ثبوت الملازمة بعد ما مرّ سابقا من عدم كون موافقة الأمر الغيريّ موجبا للإطاعة والقرب والمثوبة ، لعدم عدّ موافقته ومخالفته موافقة ومخالفة اخرى في قبال موافقة الأمر النفسيّ ومخالفته.
هذا مع الغمض عن اشكال الدور ، لأنّ كلّ من الأمر الغيريّ والعباديّة يتوقّف على صاحبه إذ يمكن الجواب عنه باختلاف موطن التوقّف كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره حيث قال :
إنّ توقّف الموضوع في الخارج على الأمر صحيح ، لكنّ الأمر يتوقّف على الموضوع في الذهن لا الخارج ، فيدفع الدور (١).
أو يمكن الجواب عنه بتعدّد الأمر الغيريّ ، إذ جزء المقدّمة مقدّمة أيضا ، فإذا
__________________
(١) مناهج الوصول : ١ / ٢٦٢.