فالآية المباركة دلّت على أنّ الله يحبّ التطهير بالماء ، وحيث أنّ ورود الآية في مورد لا يوجب اختصاصها بذلك المورد فيتعدّى عنه إلى مطلق النظافات العرفيّة والشرعيّة ـ إلى أن قال ـ : وأمّا تطبيقها على الوضوء فلأنّ الطهارة اسم لنفس الوضوء ، أعني المسحتين والغسلتين ، لا أنّها أثر مترتّب على الوضوء كترتّب الطهارة على الغسل في تطهير المتنجّسات ، فإذا قلنا الصلاة يشترط فيها الطهارة فلا نعني به أنّ الصلاة مشروطة بأمرين ، وإنّما المراد أنّها مشروطة بشيء واحد وهو الغسلتان والمسحتان المعبّر عنهما بالطهارة. وعلى هذا جرت استعمالاتهم فيقولون الطهارات الثلاث ، ويريدون بها الوضوء والتيمّم والغسل ـ إلى أن قال ـ :
وبما ذكرنا ظهر أنّ قصد الكون على الطهارة هو بعينه قصد الكون على الوضوء لا أنّه قصد أمر آخر مترتّب على الوضوء ، لما عرفت من أنّ الوضوء هو بنفسه طهارة لا أنّ الطهارة أمر يترتّب على الوضوء ، فمن قصد الوضوء فقد قصد الكون عليه ، فلا وجه لعدّ الكون على الطهارة من الغايات المترتّبة على الوضوء (١).
وفيه : أولا : أنّ الطهارة بمعنى النظافة الظاهريّة كيف تكون قابلة للانطباق على التيمّم والمفروض أنّ التيمّم من الطهارات الثلاث؟
وثانيا : أنّ الظاهر من الأخبار أنّ الطهارة أمر مستمرّ ولها دوام وبقاء ولا ينقضها الرعاف والقيء والمذي والوذي والودي بخلاف البول والغائط والنوم والمني فإنّها موجبة للنقض ، ومن المعلوم أنّ الطهارة المذكورة التي ينقضها بعض الأشياء دون الاخرى لا يساعدها النظافة الظاهريّة فإنّها تدوم بدوامها ، فإذا رفعت نظافة الأعضاء بالمرور أو عروض الطوارئ لا بقاء لها سواء عرضت النواقض أم لا.
والعجب أنّه استدلّ بهذه الاخبار على اعتبار دوام النظافة الظاهريّة الاعتباريّة
__________________
(١) التنقيح : ٣ / ٥١٣ ـ ٥١٧.