المقصود من كونه نورا أو طهورا أنّه موجب للنور والطهارة لا أنّه بنفسه نور وطهارة.
ذهب السيّد المحقّق الخوئي قدسسره في التنقيح إلى أنّ الصحيح أنّ الوضوء مستحبّ في نفسه ، وهذا لا للحديث القدسيّ المرويّ في إرشاد الديلميّ قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله : يقول الله سبحانه : «من أحدث ولم يتوضّأ فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضّأ ولم يصلّ ركعتين فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضّأ وصلّى ركعتين ودعاني ولم أجبه فيما سألني من أمر دينه ودنياه فقد جفوته ، ولست بربّ جاف». ولا للمرسلة المرويّة عن الفقيه : «الوضوء على الوضوء نور على نور». ولا لرواية محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «الوضوء بعد الطهور عشر حسنات فتطهّروا» وذلك لعدم قابليّتها للاستدلال بها لضعفها بل لقوله عزّ من قائل : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ، بضميمة الأخبار الواردة في أنّ الوضوء طهور ، وذلك لأنّ الآية المباركة دلّتنا على أنّ الطهارة محبوبة لله سبحانه ، ولا معنى لحبّه إلّا أمره وبعثه ، فيستفاد منها أنّ الطهارة مأمور بها شرعا. والمراد بالطهارة في الآية المباركة ما يعمّ النظافة العرفيّة ، وذلك لما ورد فيما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ، من أنّ الناس كانوا يستنجون بالكرسف والأحجار ، ثمّ أحدث الوضوء وهو خلق كريم ، فأمر به رسول الله وضعه ، فأنزل الله في كتابه : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)».
وفي بعض الأخبار : أنّ الناس كانوا يستنجون بالأحجار فأكل رجل من الأنصار طعاما فلان بطنه فاستنجى بالماء ، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
ويقال : إنّ هذا الرجل كان البراء بن معرور الأنصاريّ ، فإنّ الاستنجاء بكلّ من الماء والأحجار وإن كان نظافة شرعيّة إلّا أنّ استنجاء بالماء يزيد في التنظيف لأنّه يذهب العين والأثر ، والأحجار لا تزيل إلّا العين فحسب.