لا مجال لهما في الواجبات والمحرّمات الغيريّة قبل الإتيان بالواجبات النفسيّة أو قبل ارتكاب المحرّمات النفسيّة ولكنّ الاستحقاق بمعنى ثواب الانقياد وأهليّة المدح بسبب الاشتغال بمقدّمات الواجبات النفسيّة أو بسبب ترك مقدّمات المحرّمات النفسيّة غير بعيد لأنّ الاستحقاق بالمعنى الثاني لا يتقوّم بإتيان الواجبات النفسيّة أو بترك المحرّمات النفسيّة والوجدان قاض بالفرق بين من قصد الحجّ وأتى بمقدّمات السفر وشرع في السفر ولم يدرك الحجّ وبين من لم يقصده ولم يأت بمقدّماته ولم يسافر وملاك الفرق ليس إلّا الانقياد.
وهكذا نجد الفرق بين من ترك جميع مقدّمات الحرام وبين من أتى ببعضها ولكنّ يمنعه مانع عن الإتيان بالحرام هذا كلّه مع قطع النظر عن الأدلّة الخاصّة الواردة في جعل الثواب على مقدّمات بعض الواجبات أو المستحبّات مثل ما ورد من الثواب في المشي نحو إقامة الصلاة في المساجد أو نحو إقامة صلاة الجمعة أو ما ورد من الثواب على كلّ خطوة من الخطوات التي يأتي بها قاصد زيارة مولانا الحسين عليهالسلام.
فإنّ مع ورود الثواب يستحقّه تابعا لما ورد من الثواب على المقدّمات من باب الجعل والقرار والوعد كما لا يخفى.
التنبيه الثالث : في الاشكال ودفعه في الطهارات الثلاث.
أمّا الإشكال فهو أنّ بعد ما عرفت من أنّه لا مثوبة ولا قربة في امتثال الأوامر الغيريّة لخلوّها عمّا يصلح لهما كيف يكون حال الطهارات الثلاث التي لا شبهة في مقرّبيّتها وترتّب المثوبة عليها مع أنّها من الأوامر الغيريّة بالنسبة إلى ما تشترط فيه.
فإن كان منشأ لعباديّتها هو تعلّق الأوامر النفسيّة بها.
ففيه أنّه ممنوع أوّلا : في مثل التيمّم لعدم كونه مستحبّا نفسيّا.
وثانيا : أنّ الأمر الاستحبابيّ لا يبقى مع تعلّق الأمر الغيريّ لتضادّهما.
وثالثا : إنّ الاستحباب النفسيّ لا يساعد مع كفاية الإتيان بها من دون التفات