استعمالها في معنى آخر في المورد الثاني ويغايره وهكذا. فإنّ المتكلّم تارة يقصد بها إبراز ما في نفسه من اعتبار المادّة على ذمّة المخاطب واخرى إبراز ما في نفسه من التهديد وثالثة إبراز ما في نفسه من السخريّة أو التعجيز أو ما شاكل ذلك فالصيغة على الأوّل مصداق للطلب والبعث الاعتباريّين وعلى الثاني مصداق للتهديد كذلك وعلى الثالث مصداق للسخريّة وهكذا ومن الواضح أنّها في كلّ مورد من تلك الموارد تبرز معنى يباين لما تبرز في المورد الثاني ويغايره. (١)
ولكن عرفت ضعف هذا المبنى فلا مجال للتعدّد وجميع المعاني المذكورة من قبيل الدواعي لإيجاد البعث ولم تستعمل الصيغة في واحد منها فضلا عن أن يكون هو الموضوع له.
وممّا ذكر يظهر ما في تهذيب الاصول حيث قال قد تقدّم منّا تحقيق القول في الحقيقة والمجاز ومرّ أنّ اللفظ فيهما مستعمل في الموضوع له ولكن ليثبت الذهن فيه ولا يتجاوز إلى غيره أو يتجاوز إلى شيء آخر بادّعاء أنّ الثاني أيضا عينه فحينئذ يتّضح أنّ الترجّي والتمنّي والتهديد وإن كانت ربّما تراد من الأمر لكن لا في عرض البعث والإغراء بل المستعمل فيه مطلقا هو البعث وإنّما يجعل عبرة لغيره أحيانا. انتهى موضع الحاجة منه.
لما عرفت من أنّ الدواعي بأجمعها خارجة عن حريم معنى هيئة «افعل» وعليه فلا يكون داعي البعث الحقيقيّ داخلا في معنى هيئة «افعل» حتّى يحتاج في سائر الاستعمالات إلى ادّعاء كونها عين الداعي الحقيقيّ ويكون الداعي الحقيقيّ عبرة لها ومقدّمة عليها.
هذا مضافا إلى ما مرّ في مبحث الحقيقة والمجاز من منع لزوم استعمال اللفظ في
__________________
(١) راجع المحاضرات ٢ / ١٢٣.