غياب المستأجر لا يستحقّ المال شرعا ويكون تصرّفه في المال المأخوذ أكلا للمال بالباطل ، وهو معاقب عليه. فهو أتى بالعبادة لله تعالى حتّى يستحقّ المال شرعا ولا يعاقب ويصير المال المأخوذ حلالا له.
فالعمل القربيّ للاستحقاق الشرعيّ كالعمل القربيّ للنيل إلى الحوائج الأخروية ، بل الدنيويّة في عدم منافاته مع عباديّتها.
وهذا لا يأتي في أخذ الاجرة على عبادات نفسه فإنّها واجبة على نفسها وليس عملا للغير حتّى أتى بها مع التقرّب للاستحقاق الشرعيّ ، فالإتيان بها لأخذ الاجرة ينافي العباديّة والإخلاص فيها عرفا انتهى ما أفاده مع توضيح ما عنّى.
نعم ، لو أعطى شيئا لمن لم يكن له داع قويّ نحو العبادة حتّى يحصل له بذلك قوّة الداعي ويأتي بالعبادة لله تعالى ، صار الإعطاء داعيا إلى الداعي ويصحّ عمله ، لأنّ الأخذ صار مقدّمة للعبادة لا أنّ العبادة صارت مقدّمة للأخذ ، ولعلّ كثيرا ما يقع مثل هذا للأطفال الذين يقرّبون الحلم لأن يعتادوا بالعبادة ويميلوا إليها.
هذا مضافا إلى جريان الوجوه الأخر في العبادات الاستيجاريّة دون المقام ، كما ذهب السيّد الحكيم قدسسره إلى أنّ فعل العبادة بداعي غير الله سبحانه إنّما يمتنع من مقرّبيّتها للفاعل نفسه ، فإن كان فعله لنفسه بطلت العبادة ، لأنّه يعتبر في جميع العبادات أن تقع على وجه مقرّب للفاعل ، أمّا إذا كان فعله لغيره متقرّبا عنه فلا موجب لبطلانها بالإضافة إلى غيره (١).
وكما ذهب السيّد الخوئيّ قدسسره إلى أنّ النيابة إنّما وقعت متعلّقا للأمر الاستحبابيّ النفسيّ ، كما هو مقتضى النصوص ، ولا ينبغي الشكّ في كون الأمر المذكور عباديّا فيما إذا كان مورد النيابة من العبادات كالصلاة والصيام ونحوهما.
__________________
(١) المستمسك : ٧ / ٨٩.