المقدّمة لكونها واجبة ، وغير ذلك ، كلّها من باب تطبيق الحكم الفقهيّ على مصاديقه ، لا استكشاف الحكم الفقهيّ الكلّيّ من المسألة الاصوليّة ، وإن توقّف وجود الحكم الفقهيّ على المسألة الاصوليّة.
وتقريب التطبيق المذكور بأن يقال : هذا الشيء الذي تعلّق به النذر مقدّمة للواجب ، وكلّ مقدّمة واجب ؛ فالذي تعلّق به النذر واجب. فهذا التطبيق تطبيق الحكم الكلّيّ الفقهيّ وهو كلّ مقدّمة واجب على مصاديقه ، وليس هذا القياس كاشفا للحكم الكلّيّ الفقهيّ من المسألة الاصوليّة ، فلا وجه لجعل أمثاله ونظائره نتيجة للمسألة الاصوليّة ، فلا تغفل. نعم ، هذه الأمور لو صحّت لكانت ثمرة ، لكون المقدّمة واجبة شرعا.
هذا مع الغمض عمّا في بعض الأمثلة المذكورة ، فإنّه لا وقع لجعل صدق الإصرار ثمرة المسألة ، مع أنّ الوجوب الغيريّ لا إطاعة ولا عصيان له في عرض الوجوب النفسيّ ، وليس له الباعثيّة وراء باعثيّة وجوب ذي المقدّمة. وعليه فلا تتعدّد المعصية بتعدّد المقدّمات حتّى يصدق الإصرار على المعصية. وهكذا ليس اخذ الاجرة على الواجبات التوصّليّة محرّما ، بل الواجبات التعبّديّة إذا كان الأخذ على إتيانها بداعي امتثالها لا على نفس الإتيان بها حتّى ينافي عباديّتها ، بل يكون من قبيل الداعي إلى الداعي ، اللهمّ إلّا أن يقال كما أفاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد بأنّ الداعي إلى الداعي ربّما يكون محرّما كالزنا وشرب الخمر ونحوهما ، كما إذا قال شخص لغيره لو صلّيت ركعتين فأنا أسقيك الخمر ، فلا إشكال في عدم كون الركعتين عبادة عند العرف ، إذ ليس محرّكه إلّا فعلا محرّما ، مع أنّ العبادة هي التي يكون محرّكها هو التقرّب إليه تعالى فقط.
ولا يقاس ذلك بالصلاة الاستيجاريّة لأنّ الأجير بعد المعاملة يحصل له التقرّب إليه تعالى ، إذ لا يحرّكه نحو الصلاة في غياب المستأجر إلّا الخوف منه تعالى ، وهو كاف في صدق العبادة ، فإنّه لم يأت بها إلّا خوفا من الله تعالى ، إذ مع عدم الإتيان بالعبادة في