الكلّيّ الفقهيّ ، وذلك بأن يجعل المسألة الاصوليّة صغرى ، كأن يقال ـ كما في نهاية الدراية ـ كلّ مقدّمة يستلزم وجوب ذيها وجوبها ، وكلّ ما كان كذلك فهو واجب شرعا ، فيستنتج منه أنّ كلّ مقدّمة واجب شرعا (١).
وعليه ، فالبحث عن الملازمة مسألة اصوليّة ، فإنّه يكتشف بها الحكم الكلّيّ الفقهيّ ، وهو أنّ كلّ مقدّمة واجب شرعا ، وهو حكم فقهيّ متوقّف على المسألة الاصوليّة ، وأمّا جعل شيء كالوضوء مثلا مقدّمة وجعل المسألة الاصوليّة كبرى ، ويقال مثلا كلّ مقدّمة يستلزم وجوب ذيها وجوبها ينتج أنّ الوضوء يستلزم وجوب ذيه وجوبه ، ففيه كما أفاد المحقّق الأصفهانيّ قدسسره تطبيق النتيجة الكلّيّة الاصوليّة على مصاديقها لا أنّه منتج لوجوب المقدّمة لتكون نتيجة القياس حكما كلّيّا فقهيّا.
كما أنّ جعل الوضوء مقدّمة والحكم على كلّ مقدّمة بالوجوب ينتج أنّ الوضوء واجب وهو تطبيق الحكم الكلّيّ الفقهيّ على مصاديقه ، وهو يتوقّف على الفراغ عن وجوب كلّ مقدّمة حتّى يصحّ القياس المزبور ، وهو ـ أعني وجوب كلّ مقدّمة ـ مستفاد من المسألة الاصوليّة وهي ثبوت الملازمة.
فاستكشاف الحكم الشرعيّ الكلّيّ من المسألة الاصوليّة يتوقّف على جعل المسألة الاصوليّة صغرى للقياس ، خلافا لما مرّ مرارا من جعل المسألة الاصوليّة كبرى للقياس ، فإنّه ـ كما عرفت ـ ينتج تطبيق المسألة الاصوليّة على مواردها لا كشف الحكم الكلّيّ الفقهيّ ، فلا تغفل.
وممّا ذكر يظهر أنّ جعل مثل وفاء النذر بإتيان مقدّمته واجبا عند نذر الواجب أو حصول الفسق بترك واجب واحد بمقدّماته إذا كانت له مقدّمات عديدة من جهة صدق الإصرار على الحرام بسبب تعدّد المعصية ، أو عدم جواز أخذ الاجرة على
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٣٦٧.