تعلّقه بفعل الغير (١).
وممّا ذكر يظهر أنّ قياس الإرادة التشريعيّة بالإرادة التكوينيّة والقول بأنّ الإرادة التشريعيّة تابعة للتكوينيّة إمكانا وامتناعا ووجودا وعدما فكلّ ما يكون موردا للإرادة التكوينيّة عند تحقّقها من نفس المريد يكون موردا للتشريعيّة عند صدورها من غير المريد في غير محلّه ، فإنّ تعلّق الإرادة التكوينيّة بالمقدّمات تبعا للإرادة إلى ذيها ممكن ، بخلاف تعلّق الإرادة بالمقدّمات من الغير ، فإنّ تعلّق الإرادة بعمل الغير غير معقولة ، والمعقول هو إرادة البعث إلى الشيء ، وقد عرفت أنّ عدم البعث في غالب الموارد شاهد عدم وجودها وإلّا لزم التخلّف بين العلّة والمعلول.
هذا مضافا إلى أنّ تعلّق إرادة البعث بالمقدّمات مع صحّة انبعاث العبد بالبعث إلى ذيها لنحو لا يتحقّق من الحكيم ، إذ لا غاية لها ولا فائدة ، اللهمّ إلّا أن يكتفى في الفائدة بإمكان التقرّب بامتثال الأمر المولويّ الشرعيّ التبعيّ كما مرّ تقريبه سابقا ، فتأمّل.
وعليه ، فما ورد في الشرع من الأوامر الغيريّة يحمل على أحد الأمور من الإرشاد إلى الشرطيّة لمن جهل بها كقوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) الآية أو الإرشاد إلى ما حكم العقل كالأمر بإطاعة الله أو لتأكيد ذي المقدّمة كناية. إذ ليس المراد منها الأوامر المولويّة لما عرفت ، ولذلك قال سيّدنا المحقّق الداماد قدسسره : يحتمل أن يكون إرادة المقدّمات من باب أنّ المولى أحد من العقلاء لا من باب المولويّة ، فمجرّد تعلّق الإرادة نحو المقدّمات لا يدلّ على أنّ الإرادة كانت مولويّة ، وأيضا قال سيّدنا الفقيه الكلبايكاني قدسسره : إنّ المولى بعد ما يرى أنّ تشريع الحكم نحو مطلوبه كاف في محرّكيّة العبد وكاف في إحداث خوف المخالفة في نفسه ، بحيث تحرّكه تلك الإرادة النفسيّة إلى مطلوبه مع ما يتوقّف عليه
__________________
(١) مناهج الوصول : ١ / ٤١٢.