بقوله : «أنّه لو التزم المولى بأن يعطي الخ ، فإنّه تابع لما التزمه ، فإنّه إن التزم بإعطاء الدينار على امتثال الأمر النفسيّ فليس عليه إلّا الدينار ، وأمّا إذا التزم بامتثال الأمر ولو كان غيريّا فعليه ألف دينار ، فالاستحقاق تابع لمقام الإثبات ولا ارتباط له بمقام ثبوت الأمر ، وعدم استحقاق الزائد تبعا لعدم التزامه إلّا بإتيان الواجب النفسيّ لا يكون شاهدا على عدم تعلّق الأمر الغيريّ الشرعيّ بالمقدّمات ، كما لا يخفى.
نعم ، يرد على الاستدلال المذكور ما أفاده سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره من أنّ الضرورة قاضية بعدم إرادة البعث نحو المقدّمات لعدم تحقّق البعث في غالب الموارد ، فيلزم تفكيك الإرادة عن معلولها ، فإرادة البعث غير حاصلة (١) ، إذ عدم تحقّق البعث المتعدّد بتعداد المقدّمات ولو مع الالتفات إلى مقدّميّتها يكفي في عدم وجود إرادة البعث نحو المقدّمات وإلّا لزم التفكيك بين إرادة البعث ومعلولها وهو البعث وهو مستحيل ، ووجود البعث عند التأخير في الإتيان بالمقدّمات لا يستلزم وجوده في سائر الموارد. هل ترى من امر بطبخ الغذاء للعشاء أمر بعده على مقدّماته العديدة من اشتراء اللّحم والبقولات وغيره من المقدّمات العديدة؟! فدعوى الملازمة بين البعث إلى ذي المقدّمة والبعث إلى مقدّماته ممنوعة ، كما أنّ دعوى الملازمة بين إرادة البعث إلى ذي المقدّمة وإرادة البعث إلى مقدّماته كذلك ، لما عرفت من أنّ وجود إرادة البعث إلى المقدّمات تشريعا مع عدم الأمر المولويّ اليها في جميع الموارد حتّى مع الالتفات يستلزم التفكيك بين الإرادة ومعلولها ، وهو مستحيل.
وأمّا إرادة نفس عمل الغير ؛ ففي مناهج الوصول أنّها غير معقولة ، لأنّ عمل كلّ أحد متعلّق إرادة نفسه لا غيره ؛ نعم ، يمكن اشتياق صدور عمل من الغير ، لكن قد عرفت مرارا أنّ الاشتياق غير الإرادة التي هي تصميم العزم على الإيجاد ، وهذا محالا يتصوّر
__________________
(١) مناهج الوصول : ١ / ٤١٣.