والمشروط عقلا بحيث لا يمكن فرض وجود الجزاء بلا فرض وجود الشرط كانت من القضايا المسوقة لبيان تحقق الموضوع كما فى قولك ان رزقت ولدا فاختنه وان ركب الامير فخذ ركابه وكقوله تعالى (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) و (إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها).
(وبالجملة) الضابط فى كون القضية هو امكان فرض وجود الجزاء بلا فرض وجود الشرط بنحو كان السلب فيها من قبيل السلب بانتفاء المحمول وهذا المعنى لا يتصور فى المقام وانما المتصور فيه كونه من قبيل السلب بانتفاء الموضوع.
(وقوله مما ذكرنا) يعنى من ان الشرط المذكور فى الآية كان مسوقا لبيان تحقق الموضوع ظهر فساد ما يقال تارة ان عدم مجىء الفاسق يشمل ما لو جاء العادل بنبإ فلا يجب تبينه فيثبت المطلوب واخرى ان جعل مدلول الآية هو عدم وجوب التبين فى خبر الفاسق لاجل عدمه اى الخبر يوجب حمل السالبة على المنتفية بانتفاء الموضوع وهو خلاف الظاهر.
(قوله وجه الفساد ان الحكم الخ) حاصل توجيه وجه الفساد ان الجزاء فى الآية لما كان هو وجوب التبين فى خبر الفاسق فلا بد ان يكون هذا الجزاء منفيا عند انتفاء الشرط وهو مجىء الفاسق بالخبر فيكون المعنى انه عند انتفاء مجىء الفاسق بالخبر لا يجب التبين فى خبره فلا دلالة فى الآية على عدم وجوب التبين فى خبر العادل عند مجيئه به ولا على وجوبه بل تكون ساكتة عن حكمه اصلا مع ان الشرط لا بد ان تكون علة للجزاء نفيا واثباتا ولا معنى لجعل مجىء العادل بالخبر علة لعدم وجوب التبين فى خبر الفاسق لعدم ارتباطه به وكذلك جعل عدم مجىء الخبر اصلا علة له فلا نظر للآية على حكم مجيء العادل بالخبر اصلا ومنه يظهر عدم امكان اعتبار التعميم فى الشرط بحيث يشمل مجيء العادل بالخبر وعدم مجىء الخبر اصلا لان معنى اخذ المفهوم الحكم بانتفاء الحكم المذكور فى المنطوق اعنى وجوب التبين عن الموضوع المذكور فيه وهو خبر الفاسق عند عدم الشرط وهو مجيء الفاسق