ومما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك فى المقام بادلة البراءة مثل رواية الحجب والتوسعة ونحوهما لان العمل بها فى كل من الموردين بخصوصه يوجب طرحها بالنسبة الى احدهما المعين عند الله المعلوم وجوبه فان وجوب واحدة من الظهر والجمعة او من القصر والاتمام مما لم يحجب الله علمه عنا فليس موضوعا عنا ولسنا فى سعة منه فلا بد اما من الحكم بعدم جريان هذه الاخبار فى مثل المقام مما علم وجوب شيء اجمالا واما من الحكم بان شمولها للواحد المعين المعلوم وجوبه ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ومأخوذين به وملزمين عليه دليل علمى بضميمة حكم العقل بوجوب المقدمة العلمية على وجوب الاتيان لكل من الخصوصيتين فالعلم بوجوب كل منهما لنفسه وان كان محجوبا عنا إلّا ان العلم بوجوبه من باب المقدمة ليس محجوبا عنا ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدمة كما لا تنافى بين عدم الوجوب النفسى واقعا وثبوت الوجوب الغيرى كذلك
ـ الاحتياط فى مورد العلم الاجمالى بالخطاب المنجز فلا يتوقف الحكم به على قيام دليل عليه من جانب الشارع كما توهم فى السؤال فعلى هذا ليست المناقضة بين حكم العقل والشرع فيما ورد على الاكتفاء ببعض محتملات الواقع اصلا لعدم تواردهما على الموضوع الواحد حقيقة حيث ان حكم الشارع يتعلق بترك بعض اطراف الشبهة ويلزمه ارتفاع احتمال العقاب عنه على تقدير كونه الواجب الواقعى وحكم العقل يتعلق بفعله فيما كان تركه موجبا لاحتمال الضرر والعقاب فلم يرخص الشارع الاقدام على محتمل العقاب حتى ينافى حكم العقل كما انه لم يوجب العقل فعل كل مشتبه من اطراف الشبهة من حيث هو حتى ينافى حكم الشارع بجواز تركه فلا تنافى بينهما اصلا كما لا يخفى.