فالوضوء من جهة ثبوت البدل له لا يزاحم محرما مع ان القائل بتغليب جانب الحرمة لا يقول بجواز المخالفة القطعية فى الواجب لاجل تحصيل الموافقة القطعية فى الحرام لان العلماء والعقلاء متفقون على عدم جواز ترك الواجب تحفظا عن الوقوع فى الحرام فهذا المثال اجنبى عما نحن فيه قطعا ويضعف ما قبله بانه يصلح وجها لعدم تعيين الوجوب لا لنفى التخيير واما اولوية دفع المفسدة فهى مسلمة لكن المصلحة الفائتة بترك الواجب ايضا مفسدة وإلّا لم يصلح للالزام اذ مجرد فوات المنفعة عن الشخص وكون حاله بعد الفوت كحاله فيما قبل الفوت لا يصلح وجها لالزام شيء على المكلف ما لم يبلغ حدا يكون فى فواته مفسدة وإلّا لكان اصغر المحرمات اعظم من ترك اهم الفرائض مع انه جعل ترك الصلاة اكبر الكبائر.
ـ تكون واجبة وإلّا فحرام فان الصلاة الى غير جهة القبلة تكون تشريعا.
(ومنها) الصلاة فى ثوبين اشتبه طاهرهما بالنجس فان الصلاة فى طاهرهما تكون واجبة وفى نجسهما تكون حراما لانه تشريع وان قيل ان فرض الكلام فى الحرمة الذاتى والحرمة فى الموردين الاخيرين هى الحرمة التشريعية فهما خارجان عن محل الكلام فيقال ان الامثلة المذكورة فى كلام المستدل فى حال الحيض واستعمال الماء النجس ايضا من المحرمات التشريعية فتأمل.
(وعلى كل حال) ان الامثلة التى ذكرها المستدل لاثبات الاستقراء خارج عن محل الكلام لان ترك العبادة فى ايام الاستظهار بعد انقضاء العادة(ان كان لها عادة) ليس على سبيل الوجوب عند المشهور بل على سبيل الاستحباب ولو قيل بوجوبه فلعله لمراعاة الاصل العملى اعنى استصحاب الحيض وهو مما لا يمكن ان يستكشف منه ان المراد الواقعى للشارع انما هو ملاحظة تغليب جانب الحرمة حتى يلحق الفرد المشكوك به وذلك لان الاصل العملى ليس له نظر الى الواقع