الشك فى قيد التكليف ، لا عن طريق افتراض تقيد الحرمة بوجود الخمر خارجا ، بل بتقريب : إن خطاب ( لا تشرب الخمر ) مرجعه الى قضية شطرية مفادها : كلما كانت مائع ما خمرا فلا تشربه ، فحرمة الشرب مقيدة بأن يكون المائع خمرا ، سواء وجد خاجا أو لا ، فاذا شك فى أن الفقاع خمر أو لا مثلا ، جرت البراءة عن الحرمة فيه.
وبهذا صح القول بأن البراءة تجرى كما كان الشك فى قيود التكليف ، وإن قيود اتكليف تارة تكون على وزان مفاد كان التامة ، بمعنى اناطته بوجود شىء خارجا ، فيكون الوجود الخارجى قيدا. واخرى يكون على وزان مفاد كان الناقصة ، بمعنى اناطته باتصاف شىء بعنوان فيكون الاتصاف قيدا. فاذا شك فى الوجود الخارجى على الأول أو فى الاتصاف على الثانى جرت البراءة ، وإلا فلا.
وعلى هذا الضوء نستطيع أن نعمم فكرة قيود التكليف التى هى على وزان مفاد كان الناقصة على عنوان الموضوع وعنوان المتعلق معا ، فكما ان حرمة الشرب مقيدة بأن يكون المائع خمرا ، كذلك الحال فى حرمة الكذب ، فان ثبوتها لكلام مقيد بأن يكون الكلام كذبا ، فاذا شك فى كون كلام كذبا كان ذلك شكا فى قيد التكليف.
وهكذا نستخلص : أن الميزان الاساسى لجريان البراءة هو الشك فى قيود التكليف ، وهى تارة على وزان مفاد كان التامة ، كالشك فى وقوع الزلزلة التى هى قيد لوجوب صلاة الايات. وارخى على وزان مفاد كان النقاصة بالنسبة الى عنوان الموضوع ، كالشك فى خمرية المائع. وثالثة على وزان كان الناقصة بالنسبة الى عنوان المتعلق ، كالشك فى كون الكلام الفلانى كذبا.