الامتناع ، وهو خلف في استحالة التّرجيح بلا مرجّح ، بمعنى اختيار الفاعل المؤثّر المختار أحد طرفي ما يقدر عليه من الفعل والتّرك من دون داع ومرجّح له ، وعدمها ، فذهب الأشاعرة إلى الثّاني زعما منهم أنّ الفاعل إذا كان مختارا فيرجّح بإرادته وميله أيّ مقدور شاء.
واستدلّوا عليه : بالوجدان ؛ حيث إنّ العطشان والجائع والهارب من السّبع يختار أحد القدحين والرّغيفين والطّريقين ، مع فرض المساواة من جميع الجهات الّتي لها دخل في التّرجيح. فيعلم من ذلك : أنّ اختيار أحد طرفي الممكن لا يتوقّف على مرجّح خارجيّ.
والعدليّة من الإماميّة والمعتزلة إلى الثّاني لما عرفت : من قضاء ضرورة العقل بعدم تعلّق الاختيار بأحد طرفي الممكن من دون داع وسبب ، فلو وجد لوجد بلا سبب. وهذا معنى رجوع التّرجيح بلا مرجّح إلى التّرجّح بلا مرجح.
وأمّا ما زعمه الأشاعرة ففاسد جدّا :
أمّا أوّلا : فلمنع تحقّق التّساوي من جميع الجهات فيما مثّلوا به وأمثاله ، ومجرّد الفرض لا يوجب تحقّق المفروض في الخارج ، والمدار عليه لا على فرضه كما هو ظاهر.
وأمّا ثانيا : فلأنّا نختار بعد التّسليم عدم اختيار أحدهما ، ومجرّد دعواه لا يفيد في شيء.
وأمّا ثالثا : فلأنّه يرجع إلى الإذعان بلزوم المرجّح ، وإن كان هو الإرادة فليتوجّه عليه : أنّ نسبة الإرادة إلى المقدورين إذا كانت على نهج واحد ومتساوية بالنّظر إلى ذات المؤثّر والفاعل فاتّصافه بإحداهما دون الأخرى إن استند إلى