إرادة أخرى : بأن يريد أن يريد الفعل أو التّرك ، فهو ـ مع كونه ظاهر البطلان بالوجدان ؛ حيث إنّا نرى بالوجدان أنّا نرتكب الفعل بإرادته من دون إرادة هذه الإرادة بالبداهة ـ مستلزم للتّسلسل ؛ لأنّا ننقل الكلام إلى الإرادة الأخرى التي صارت علّة للإرادة المقارنة للفعل وهكذا.
فإن التزموا بالتّوقف على إرادة أخرى وهكذا. فيلزم ما ذكرنا من التّسلسل في الأمور المجتمعة المترتّبة وإن لم يلتزموا به ، فأيّ فرق بين الإرادتين؟
وإن لم يستند إلى إرادة أخرى ومرجّح خارجيّ ـ كما هو المفروض ـ فيلزم ترجيح أحد المتساويين بالنّسبة إلى الإرادة على الآخر بلا سبب وداع. وهذا ما يقوله العدليّة من رجوع التّرجيح بلا مرجّح ، إلى التّرجّح بلا مرجّح.
وقد عرفت : أنّه لا فرق في ذلك بين كون الممكن المقدور إيجاد جسم أو فعل أو حكم من غير فرق بين الإلزام وغيره ، فالموجب إذا لم يكن هناك سبب ومرجّح لإيجابه يستحيل صدوره منه ، كما في سائر الأفعال. فالتّشريعيّات من الحيثيّة الّتي ذكرنا كالتكوينيّات ، بل منها بهذا اللحاظ والاعتبار كما هو ظاهر ، وهكذا الكلام بالنّسبة إلى ترجيح المرجوح على الرّاجح أو التّسوية بينهما ؛ فإنّه إذا كان بلا داع وسبب أصلا استحال قطعا ، وإذا فرض وجود الدّاعي والسّبب ولم يكن ممّا يجعله العقلاء داعيا وسببا فيحكم بالقبح في كلّ من الثّلاثة.
وقد خرجنا عمّا يقتضيه وضع التّعليقة بل الفنّ ، هذا بعض الكلام فيما يتعلّق بالوجه الأوّل وهو إجراء دليل الانسداد في خصوص الفروع ليس إلاّ.
وأمّا الكلام فيما يتعلّق بالوجه الثّاني وهو إجراء دليل الانسداد في خصوص المسائل الأصوليّة فقد عرفت شرحه في الأمر الأوّل ، وأنّه فاسد من