المخصّص ولا حاجة إلى إحراز أمر آخر في الحكم المذكور ، ولا دلالة فيه بوجه على تعيين المقتضي والمانع كما هو المقصود. لا يقال : لا نعني بالمقتضي إلاّ الأمر الوجودي المؤثّر في وجود المعلول ، وبالمانع إلاّ ما يكون عدمه معتبرا في الوجود ، ولا شكّ في صدق ذلك على العنوانين كما عرفت بأنّ العلّة هو العلم مع انتفاء الفسق.
لأنّا نقول : ما ذكر ليس مستفادا من ظاهر الدليل وإنّما هو أمر يمكن اعتباره كذلك ، كما يمكن اعتباره بوجه آخر أيضا كما لا يخفى.
وبالجملة ، فمن الجائز أن يكون الأفراد الباقية مشتملة على علّة الحكم بعناوينها الخاصّة ، بخلاف الفرد المخرج ، لارتفاع بعض أجزاء العلّة فيها ، ويكون الداعي إلى التعبير على الوجه المذكور هو تعذّر إحصاء الأفراد الباقية بعناوينها أو غيرها ، وحينئذ لا دلالة على المطلوب بوجه كما في قولك : « أكرم أهل هذه البلدة إلاّ اليهود » مثلا ، بل قد يقال : إنّ العام بعد تخصيصه بالمنفصل يصير كالدليل اللبّي وينهدم أساس عنوان الموضوع ، فإنّه حينئذ ذوات الأشخاص الباقية كما إذا قيل مشيرا إليها : « أكرم هؤلاء » ومشيرا إلى الأفراد الخارجة : « لا تكرم هؤلاء ».
إلاّ أنّ ذلك خلاف الإنصاف ، لظهور الفرق بين الإشارة وعنواني العامّ والمخصّص ، فإنّ للعالميّة مدخلا في الحكم جزما ، لارتفاع الحكم فيما لو انقلب جاهلا ، بخلافه في صورة الإشارة.
ثمّ إنّ الدعوى المذكورة ممّا لا سبيل إليها في مثل قولك : « لا يجب إكرام الناس إلاّ العالم » من الأحكام السلبيّة ، إلاّ أنّه لا بد من التأويل فيها بعد ذلك أيضا.