وعلى التقادير : المخصّص إمّا أن يكون متّصلا كالشرط والغاية وبدل البعض والصفة والاستثناء ـ على تأمّل فيه كما ستعرف الوجه فيه ـ أو منفصلا ، والثاني ظاهر ، فهذه صور ستّة.
والحكم بالإجمال في صورة دوران الأمر بين المتباينين في محلّه سواء كان التخصيص بالمتّصل أو بالمنفصل. والوجه فيه ظاهر ، حيث إنّ اللفظ لا يكون حاملا للمكلّف إلاّ بعد العلم أو الظنّ المعتبر بما اريد منه ، والمفروض انتفاؤه ؛ وكذا في صورة دوران الأمر بين الأقلّ الذي لا يشمله الأكثر سواء كان المخصّص متّصلا أو منفصلا ، لعدم ما يوجب البيان ، لا من اللفظ ولا من غيره. أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فغاية ما يمكن أن يقال هو : أنّ الأصل عدم خروج الأكثر ، وهو معارض بأنّ الأصل عدم خروج الأقلّ ، فإنّ الأقلّ حينئذ بمنزلة المتباينين.
لا يقال : إنّ خروج الواحد يقينيّ فلا يجري فيه الأصل ، فأصالة عدم خروج الأكثر سليمة عن المعارض.
لأنّا نقول : إنّ المعلوم خروجه هو الواحد مفهوما ، والعلم بخروجه غير مجد بعد ابتلاء الأصل الجاري في المصداق بالمعارض ، كما لا يخفى.
فإن قلت : إنّ الحكم بخروج فردين ولو كانا متغايرين يشتمل على زيادة تخصيص في العامّ ، بخلاف الحكم بخروج فرد واحد ، فهو مخالف لأصل واحد ، والأوّل مخالف لأصلين.
قلت : لو سلّم ذلك يجدي فيما لو قلنا بأنّ توحيد الاصول يوجب الترجيح ، ونحن قد بيّنا في محلّه : أنّ ذلك ممّا لا يوجب له (١) في غير الأدلّة الاجتهادية. اللهمّ إلاّ بالقول بأنّ الاصول اللفظيّة أيضا منها ، لابتنائها على الظنون النوعيّة.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : يوجبه.