وأمّا إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر مع شمول الأكثر للأقل ، ففيما إذا كان التخصيص بالمتّصل ـ كالشرط والغاية والصفة وبدل البعض ـ فالظاهر أنّ الإجمال أيضا في محلّه لسريان الإجمال في العامّ ، فيسقط عن الاعتبار بالنسبة إلى تلك الأفراد المشكوكة فيها ، فيرجع فيها إلى الاصول. وأمّا غيرها فالعامّ فيها مبيّن لا إجمال فيها ، لأنّ العدالة في قولك : « أكرم العلماء العدول » من القيود المعتبرة في الموضوع ، وإجمال المقيّد بعد إجمال القيد من الامور الواضحة ، فكان الموضوع في المقام هو نفس العدالة ، كما إذا قيل : « أكرم عدول العلماء » مع اشتباهها بين الوجهين.
وأمّا إذا كان التخصيص بالمنفصل كقولك : « أكرم العلماء » ثمّ قولك : « لا تكرم فسّاق العلماء » فمن القريب جدّا عدم سراية إجمال المخصّص إلى العامّ فيؤخذ في المعلوم المتيقّن المخصّص وهو مرتكب الكبائر ، ويدفع الزائد بأصالة عدم التخصيص ، فيؤخذ فيه بالعموم ، فلا وجه للرجوع إلى الاصول العمليّة. وإن شئت تقول : إنّ خروج أهل الكبائر بواسطة القرينة معلوم وأمّا خروج غيرهم فغير معلوم ، والأصل عدم الخروج.
والفرق بينه وبين المتّصل : هو أنّ العامّ في المتّصل لم يتمّ دلالته وظهوره على الأفراد المندرجة فيه قبل الإتيان بالقيد ، فإنّ المتكلّم ما لم ينته كلامه فكلّ قيد يأتي به فهو مأخوذ في موضوعه أو محموله. بخلافه في المنفصل ، فإنّ التخصيص فيه لأجل التعارض كسائر المعارضات بعد تماميّة الدلالة في العام ، فكما إذا قامت قرينة على صرف الظاهر يجب التعويل عليه ، وإن لم نعلم بما هو القرينة فالأصل عدمه (١).
__________________
(١) العبارة من قوله : « فكما إذا قامت ... الخ » مختلّة غير واضحة.