عن العامّ بمنزلة المعارضات ، فليست من قبيل قرائن المجاز ؛ وذلك لأنّ القرائن المتعارفة إذا اطّلع عليها المخاطب فلا يتأمّل في الحكم بإرادة المتكلّم خلاف ظاهر اللفظ ، بخلاف المقام فإنّ الحكم بقرينيّة الخاصّ للعامّ في المنفصل بهذه المثابة ، سيّما في الأخبار التي بأيدينا اليوم ، فإنّه قد يكون العامّ واردا عن معصوم والخاصّ عن معصوم آخر ، والحكم بكونه قرينة يتوقّف على كون المتكلّم بهما بمنزلة متكلّم واحد.
وبالجملة ، فالفرق ظاهر بين المخصّص المتّصل وبين المنفصل ، فدعوى الاتّفاق على العمل بالاصول المعمولة في الألفاظ إنّما تتمّ ـ على تقدير صحّتها على وجه الإطلاق ـ فيما إذا كان الشكّ في المخصّص المتّصل دون المنفصل ، لكونه ـ مع كونه من القرائن ـ معدودا في المعارضات عند العرف ، فتدبّر في المقام.
الثاني : قد يتوهّم أنّ الوجه في وجوب الفحص في المقام هو الوجه فيه عند إعمال الاصول العمليّة كالبراءة في الأحكام الشرعيّة.
ولعلّ المقامين متغايران ، حيث إنّ العمدة في وجوب الفحص عند العمل بالبراءة في الحكم الشرعي عدم جريان دليل البراءة عند عدم الفحص. أمّا العقل : فلانحصار المعذوريّة فيما إذا كان الجاهل متفحّصا عن الحكم ، ضرورة عدم معذوريّة غير المتفحّص مطلقا عند العقل ، ولذلك يحكم العقل بوجوب النظر في المعجزة. وأمّا النقل : فبعد مخالفته لما هو المستفاد من العقل وتسليم الإطلاق ـ كما في بعض الروايات (١) ـ فالإجماع واقع على وجوب تقييده بالفحص ، إذ لم
__________________
(١) مثل كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام ... والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير هذا ، انظر الوسائل ٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.