حصول الظنّ فعلا من الأصل في غير ما نحن فيه دونه بعد تساويهما من حيث وجود المقتضى وعدم المانع فيهما معا مكابرة لا ينبغي الإصغاء إليه ؛ مضافا إلى أنّ المعنى أيضا فاسد ، لإطباق أهل اللسان على العمل بتلك الاصول ولو لم يحصل منها الظنّ.
إلاّ أنّ فيه إشكالا لو لم يكن تلك الاصول حجّة شرعيّة تعبّديّة ـ كما احتمله بعضهم (١) ـ وإن كان ضعيفا جدّا كما لا يخفى.
وجه الإشكال : أنّه لا يعقل اعتماد العقلاء على الشكّ إذا لم يكونوا متعبّدين ، لكونه ترجيحا بلا مرجّح ، بل لا يعقل الاعتماد على الظنّ من حيث هو ظنّ ما لم يفرض ما ينسدّ معه احتمال الخلاف ، كما لا يخفى على المتدبّر.
وثانيها : ما قد يستفاد من مطاوي كلمات بعضهم ـ كالمحقّق القمّي وغيره (٢) ـ : من أنّه لا دليل على اعتبار تلك الاصول بالنسبة إلى غير المشافه أو من قصد تفهيمه باللفظ.
وتوضيحه : أنّ من أراد استكشاف مراد المتكلّم إمّا أن يكون مشافها ومخاطبا فعلا ، لا إشكال في استقرار السيرة وجريان العادة على التعويل على الاصول المعمولة في الألفاظ في هذا القسم كاستقرارها وجريانها فيما إذا كان مرادا بالاستفادة ومقصودا للمتكلّم وإن لم يكن مخاطبا فعليّا ومشافها ، كما هو الحال في الكتب المؤلّفة وما يرسم في سجّل الأوقاف والوصايا والأقارير ونحوها. والسرّ في ذلك بعد عدم احتمال السهو ونحوه في كلام الحكيم المطلق ، وندوره على وجه لا يعتنى به في كلام غيره ، وأنّ المتكلّم حيث علمنا بكونه في
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) انظر القوانين ١ : ٣٩٨ ـ ٤٠٣ ، والمعالم : ١٩٣ ـ ١٩٤.