مقام الإفادة وعلمنا بكونه عالما بطرق التأدية واختلافها في مفادها ، فمتى حاول إفادة مطلب يجب عليه التعويل على ما هو المعهود في إفادة ذلك المطلب في عرفهم ، وإلاّ لم يكن في صدد الإفادة ، أو كان ولم يكن عالما بطريقها ، أو كان وكان مقصّرا في التأدية ناقضا لغرضه المنزّه عن جميع ذلك العقلاء ، فضلا عن ربّهم جلّ وعلا.
وممّا ذكرنا يظهر الوجه في اعتبار تلك الاصول وأنّها ليست من جهة الاستصحاب ، ولذلك لم ينكره من أنكره على وجه الإطلاق. وأنّه يندفع الإشكال الذي أشرنا إليه آنفا ، فإنّ الشكّ في وجود القرينة يرتفع بعد فرض المقدّمات المفروضة ، فتدبّر في المقام.
وإمّا أن لا يكون مشافها (١) ولا مرادا بالإفادة والاستفادة كما في الكتاب العزيز ـ بناء على ما زعمه بعضهم : من أنّه ليس من قبيل تأليف المؤلّفين ـ وكما في الكلام المسموع من وراء الجدار لمن هو غير مخاطب به وغير مراد بالإفادة ، ففي هذا القسم لا دليل على اعتبار الاصول المعمولة في الألفاظ في تشخيص مراداتها ، إذ لو فرضنا إهمال بعض ما يوجب خفاء المراد من اللفظ بالنسبة إلى ذلك الغير لم يلزم على المتكلّم قبيح.
وإذ قد تقرّر ذلك نقول بأنّ حالنا في زماننا هذا حال من يريد استفادة المطالب من الكلام الذي لا يكون مخاطبا ولا مرادا باستفادته منه ، كما ستعرف. أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فلعدم ما يقضي بذلك ، وقد عرفت عدم اعتبار الأصل حينئذ ، فلا بدّ من تحصيل القطع بعدم المخصّص أو ما قام الإجماع على قيامه مقامه ، وهو الظنّ الحاصل بعد الفحص.
__________________
(١) عطف على قوله : إمّا أن يكون مشافها.