وفيه أوّلا : أنّ دعوى الإجماع على اعتبار الظنّ بعدم المخصّص على تقدير عدم اعتبار الأصل اللفظي مجازفة صرفة. نعم ، لا كلام في العمل بالأصل بعد الفحص ، لكنّه ليس بناء العامل به على عدم اعتباره كما هو المفروض في الدليل ، بل المقصود ـ على ما يظهر منهم ـ جعل الأصل بعد الفحص مثل الأصل قبل الفحص في كلام قصد إفهامه للغير مخاطبا أو غيره. وبعبارة اخرى ظاهرة : أنّ اعتبار الأصل على ما ذكره مبنيّ على أصالة حجّيّة الظنّ المطلق ، إذ بدونه لا وجه للعمل بالأصل بعد الفحص أيضا ما لم يحصل منه القطع.
وثانيا : أنّ مدار العرف على الأخذ بالاصول المذكورة ولو في مقام لم يقصد إفهام العامل بتلك الاصول. ولعلّ الوجه في ذلك : أنّ الأغلب في المحاورات عدم التفرقة بين القسمين ، وأنّ من المشاهد عدم اختلاف حال المتكلّم في التعبير عن مراده عند إرادة إفهام غير المخاطب أيضا وعدمها ، فإنّه يبالغ في ما يفيد مقصوده من غير ملاحظة الفرق في المقامات. وما ذكره وإن كان ممكنا إلاّ أنّ الواقع على خلافه على وجه لا يعمل بذلك الاحتمال عندهم ، مثل احتمال السهو والنسيان والخطاء ونحوه. ويشهد بذلك ملاحظة حال السلف ، فإنّ أصحاب الأئمّة عليهمالسلام كانوا إذا سمعوا خبرا من ثقة أو استند أحد المتخاصمين إلى ظاهر رواية اعتمدوا عليه وسكتوا وأخذوا بظاهر ما يقتضيه ظاهرها مثل المشافهين ، بل وملاحظة العرف أيضا يشهد بذلك ، فإنّه لا يتوقّف أحد في الشهادة فيما لو سمع من وراء الجدار إقرار زيد لعمرو بشيء. وقد أبطلنا التفصيل المذكور في محلّه بما لا مزيد عليه.
وثالثها : أنّ الأخذ بأصالة عدم التخصيص إنّما يجب إذا كان ذكر العامّ وإرادة الخاصّ قبيحا. وهو ممنوع ، لاحتمال وجود مصلحة داعية على إيراد العامّ غير مقترن بما هو قرينة على المراد من العامّ ، فلا قبح في إغراء المخاطب