خبر العدل الظنّي ، فإنّ قضيّة عموم التعليل عدم الاعتماد على الخبر الظنّي ، ومقتضى المفهوم ثبوته ، وعموم التعليل أظهر ، ولا سيّما إذا كان العام متّصلا بالجملة الشرطيّة. وربما يقال بتقديم الظهور في الجملة الشرطيّة كما قلنا في تعارض المفهوم مع العمومات الناهية عن العمل بغير العلم.
وبالجملة ، فالإنصاف أنّ ذلك يتبع الموارد. ولم نقف على ضابطة نوعيّة يعتمد عليها في الأغلب ، كما اعترف بذلك سلطان المحقّقين (١).
ثمّ إنّ ما ذكرنا إنّما هو فيما إذا كان النسبة بين المفهوم والعموم عموما وخصوصا ، بأن كان المفهوم أخصّ مطلقا ، فإنّه يدور الأمر بين التصرّف في ظاهر العامّ وبين التصرّف في ظاهر الجملة الشرطيّة بإلقاء المفهوم رأسا.
وأمّا إذا كان المفهوم عامّا فلا بدّ فيه من تقييد المنطوق ، كما إذا قيل : « أكرم الناس إن كانوا عدولا » وقيل : « أكرم العالم الفاسق » فإنّه يقدّم على المفهوم القائل بعدم وجوب إكرام غير العادل عالما وغيره ، ومعنى تقديمه عليه هو تقييد الناس بغير العالم الفاسق ، لما عرفت من عدم معقوليّة التصرّف في المفهوم بنفسه ، فلا بدّ من إرجاعه إلى المنطوق. وأمّا احتمال إلقاء المفهوم رأسا في المقام فلا وجه له.
وأمّا إذا كان النسبة عموما من وجه ، كما إذا قيل : « أكرم العلماء » بعد قولك : « أكرم الناس إن كانوا عدولا » فيحتمل أن يقال بإلقاء المفهوم رأسا على تقدير تقديم العموم في مورد التعارض ـ وهو العالم الفاسق ـ على المفهوم القاضي بنفي وجوب إكرام الفاسق مطلقا. ويحتمل التقييد في المنطوق ، كأن يقال : « أكرم الناس الغير العالم إن كانوا عدولا » فيستفاد من الكلامين سببيّة كلّ
__________________
(١) حاشية سلطان العلماء : ٢٩٨ ، ذيل قول الماتن : بل التحقيق أن أغلب صور المفهوم.