الحكم بالانتفاء عند الانتفاء ، فإنّ ذلك حكم يستقلّ به العقل ولو كان بواسطة خطاب الشرع ، إلاّ أنّ منع ظهور اللفظ في ذلك ليس بتلك المكانة من البعد.
وأمّا الثاني : فيظهر الوجه في وجوب تقديم المفهوم على العموم فيه ممّا تقدّم ، مضافا إلى كون المفهوم أخصّ مطلقا أيضا.
وبالجملة ، فاللازم تقديم المفهوم الموافق على العموم كما عرفت ، لعدم معقوليّة التصرّف فيه بنفسه فيدور الأمر بين التصرّف في العامّ أو في المنطوق ، ولا ريب أنّ الأوّل أرجح ، مضافا إلى ما تقدّم : من أنّ اللفظ مسوق لبيانه ، فظهوره في المفهوم أولى من ظهور العامّ في العموم.
ومنه يظهر فساد ما قد يحكى عن بعض سادة مشايخ مشايخنا (١) حيث أورد على من استدلّ على اعتبار العربيّة في العقود باعتبار الماضويّة ـ كالمحقّق الثاني (٢) ـ بأنّ الأولويّة معارضة بعموم وجوب الوفاء بالعقد ، والنسبة بينهما عموم من وجه ، فلا بدّ من ملاحظة المرجّحات. وأمّا مفهوم المخالفة فعلى تقدير القول بثبوته في قبال العامّ وعدم التصرّف في ظاهر الجملة الشرطيّة والأخذ بظهورها لا إشكال في تخصيص العامّ به كما عرفت ، وإنّما الإشكال في أنّ الجملة الشرطيّة أظهر في إرادة الانتفاء عند الانتفاء منها أو العامّ أظهر في إرادة الأفراد منه؟ فمرجع الكلام إلى تعارض الظاهرين.
فربما يقال : إنّ العامّ أظهر دلالة في شموله لمحلّ المعارضة كما قلنا بذلك في معارضة منطوق التعليل في آية النبأ مع المفهوم على تقدير القول به بالنسبة إلى
__________________
(١) وهو السيّد المجاهد في المناهل : ٢٧٠ ـ ٢٧١.
(٢) حاشية الإرشاد ( مخطوط ) : ٢١٧ ـ ٢١٨.