ثمّ إنّه قد يستشكل في الفرق بين المقام والمسألة الآتية الباحثة عن بناء العامّ على الخاصّ. وظنّي أنّه ليس في محلّه ، كما يظهر من ملاحظة كلمات المانعين ، حيث إنّه يظهر من بعضهم عدم اعتبار الخبر الواحد في قبال عموم الكتاب (١). ويظهر من آخر عدم قابليّة الخبر للتخصيص من جهة قطعيّة العموم (٢). وعلى الأوّل فالفرق ظاهر ، وعلى الثاني فكذلك أيضا ؛ لأنّ المبحوث عنه في المسألة الآتية هو رجحان التخصيص على أنحاء التصرّفات المتصوّرة في الدليلين وعدمه بعد فرض القابليّة لو فرضنا احتمال التجوّز في الخاصّ أيضا ، وإلاّ فتلك المسألة يبحث فيها عن أنّ الخاص بيان أو ناسخ على ما هو التحقيق.
وكيف كان ، فيمكن الاستدلال على الجواز بالإجماع من الأصحاب على العمل بأخبار الآحاد في قبال العامّ الكتابيّ ، وهذه سيرة مستمرّة إلى زمن الأئمّة عليهمالسلام بل وذلك ممّا يقطع به في زمن الصحابة والتابعين ، فإنّهم كثيرا ما يتمسّكون بالأخبار في قبال العمومات الكتابيّة ولم ينكر ذلك عليهم.
ودعوى أنّ ذلك لعلّه بواسطة احتفاف الخبر بقرينة قطعيّة ، مدفوعة بما أفاده الشيخ عند احتجاجه بعمل الصحابة على حجّيّة الأخبار بأنّه تعويل على ما يعلم ضرورة خلافه ولا يحسن مكالمة مدّعيه (٣).
ومن هنا ترى أنّ الشيخ مع أنّه منع من ذلك في الاصول فقد بنى عليه في الفقه ، كما يظهر من تتبّع موارد كلامه وتضاعيف الفروع كالمحقّق أيضا.
__________________
(١) انظر الذريعة ١ : ٢٨١.
(٢) انظر العدة ١ : ٣٤٤.
(٣) العدّة ١ : ١٣٦.