ذلك أنّ الموارد المنسوخة ممّا شذّ فيه الخلاف على تقدير وجوده فيها ، بخلاف موارد التخصيص ، فإنّ الخلاف فيها على منار ، فالملازمة ممنوعة.
وقد يجاب بأنّ التخصيص دفع والنسخ رفع ، والأوّل أهون بخلاف النسخ. وهو بظاهره فاسد جدّا.
وقد يوجّه ذلك بأنّ التخصيص هو الحكم بعدم ثبوت الحكم للبعض ، والنسخ هو رفع الحكم بعد ثبوته ، ولا شكّ أنّ الثابت وجودا كان أو عدما يجب الحكم بثبوته ما لم يعلم عدمه بالإجماع والاستصحاب ، فإذا دلّ خبر على النسخ فهو معارض لأدلّة الاستصحاب ولدليل ثبوت هذا الحكم. بخلاف دليل التخصيص ، فإنّها معاضدة بأدلّة الاستصحاب ، فيكون إعماله أهون ، انتهى ملخّصا (١).
أقول : لا نعرف فرقا بين النسخ والتخصيص بعد ملاحظة العموم الزماني في النسخ الملازم لعدم ثبوت الحكم في البعض ولو بملاحظة الزمان.
ومنه يظهر فساد ما أورده من حديث المعارضة مع أدلّة الاستصحاب ولدليل الحكم :
أمّا أوّلا : فلأنّ دليل الحكم لا يعارض الناسخ إلاّ باستصحاب عدم النسخ وعدم ورود مخصّص زماني ؛ لأنّه لا يزيد على أصالة الحقيقة كما هو ظاهر.
وأمّا ثانيا : فلأنّ دليل النسخ على تقدير اعتباره لا يعقل معارضته لأدلّة الاستصحاب ؛ لارتفاع موضوع الاستصحاب ـ وهو الشكّ ـ حقيقة أو حكما بعد ورود الدليل ، كما أنّه لا يعقل معارضته لأدلّة التخصيص.
__________________
(١) أي انتهى التوجيه ، والموجّه هو المحقّق النراقي في المناهج : ١١٦.