ومرّة : بأنّ الدليل على العمل بخبر الواحد هو الإجماع على استعماله فيما لا يوجد عليه دلالة ، ومع وجود الدلالة القرآنية يسقط وجوب العمل به ، وهو المحكي عن المحقّق (١).
والجواب : ما مرّ من أنّ الإجماع على العمل بالخبر المخالف لعموم الكتاب واقع وليس له دافع ، مضافا إلى ما قرّر في محلّه : من عدم انحصار الدليل في الإجماع.
وأخرى : بطائفة كثيرة من الأخبار الدالّة على أنّ الأخبار المخالفة للقرآن يجب طرحها وضربها على الجدار وأنّها زخرف وأنّها ممّا لم يخبر بها الإمام وهي كثيرة جدّا وصريحة الدلالة على وجوب الطرح ، فلا وجه لما يجاب : من أنّ العمل بتلك الأخبار يوجب تخصيص الكتاب الدالّ على حجّيّة الخبر بالخبر الغير المخالف ، فإنّ هذه قطعيّة ، كما يظهر للمنصف.
والجواب ـ بعد القطع بصدور جملة من تلك الأخبار عن الحجج الطاهرة ـ : أنّ مخالفة العموم وأصالة الحقيقة لا تعدّ مخالفة عرفا ، ومع الشكّ في صدق المخالفة على مثل هذه المخالفة يستكشف من عموم ما دلّ على أنّ المخالف غير صادر منهم أنّ هذه الأخبار الصادرة عنهم قطعا ليست مخالفة للقرآن ، وإلاّ لزم التخصيص في العموم ، والأصل عدمه ، مع أنّ سياق هذه الأخبار يأبى عن التخصيص.
وبالجملة ، فتارة ندّعي العلم بعدم صدق المخالفة على مثل هذه المخالفة ، كما يشهد به العرف. وأخرى أنّه لا أقلّ من الشكّ في صدق المخالفة ، وبعد القطع بالصدور يستكشف بالعموم الغير القابل للتخصيص عدم كونها مخالفة ،
__________________
(١) المعارج : ٩٦.