نظير استكشاف عدم كون النحويّ عالما على تقدير الشكّ فيه من عموم « أكرم العلماء » بعد القطع بعدم وجوب إكرام النحويّ. اللهم إلاّ أن يدّعى القطع بصدق المخالفة في المقام ، والإنصاف أنّه في غير محلّه.
ويؤيّد ما ذكرناه من عدم صدق المخالفة أنّ المشايخ الراوين لهذه الأخبار هم الذين رووا الأخبار المخالفة على التوجيه المذكور ، وكيف يتصوّر مع إكثارهم في هذه الرواية؟
والحاصل أنّه لا ينبغي التوقّف في العمل بالأخبار المخالفة لعموم الكتاب في زماننا هذا ، لاستلزامه حدوث شرع جديد ، كما لا يخفى على من تدرّب.
فلا بدّ من حمل تلك الأخبار على الأخبار المخالفة على وجه المباينة. ولا ينافي قلّتها في زماننا ؛ لأنّ جوامع الأخبار الموجودة عندنا إنّما هو بعد التهذيب ، فلعلّها كانت كثيرة في تلك الأزمنة قبل التهذيب.
لا يقال : إنّه لا داعي إلى جعل الأخبار المباينة ، للعلم بكذبها ، فلا يقع بها التدليس المقصود من دسّ الكذّابين.
لأنّا نقول : لا ينحصر الداعي في التدليس ، بل يحتمل أن يقصد بالجعل الإبطال وإسناد الأباطيل إليه ، كما يومئ إليه جملة من الأخبار (١) على ما لا يخفى على المتتبّع فيها. أو يحمل (٢) على الأخبار الواردة في مسائل اصول الدين ، كأخبار الغلوّ والجبر والتجسيم والتشبيه ، ونحو ذلك من الامور المعلومة بنصّ الكتاب الموافق للسنّة السنيّة والملّة المحمّدية صلىاللهعليهوآله على صادعها ألف سلام وتحيّة.
__________________
(١) انظر الوسائل ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي وغيره.
(٢) عطف على قوله : « فلا بدّ من حمل تلك الأخبار ».