وتوهّم جماعة اختصاص النزاع بالمطلقين (١). ولعلّ الوجه فيه عدم تعيين المخصّص فيهما ، أو عدم تصوّر بعض الأقسام الآتية كتقديم الخاصّ ، إذ لكلّ منهما جهة عموم ، إلاّ أنّ ذلك لا ينهض له وجها ، إذ عدم التعيين لا ينافي ما ذكرنا : من أنّه عند التعيين هل هو بيان أو ناسخ؟ كما أنّ عدم تصوّر بعض الأقسام لا يمنع عن النزاع في القسم المتصوّر. نعم ، شاع بينهم التمثيل بالمطلقين وهو لا يقاوم التصريح ، مضافا إلى تمثيل الحاجبي والعضدي (٢) ـ كما حكي ـ بآيتي عدّة الحامل والمتوفّى عنها زوجها ، مع كون النسبة بينهما عموما من وجه.
ثمّ إنّ الكلام في المقام ليس من حيث السند ، فلو كان العامّ قطعيّا يجري فيه الكلام كما لو كان ظنّيّا ، إذ المبحوث عنه ـ كما عرفت ـ لا يفرق فيه بالقطعيّة والظنّية بعد فرض اعتبار الظنّي من غير فرق بين أن يكون اعتبار أصالة الحقيقة من باب التعبّد أو الظنّ ، لكونه مقيّدا بعدم ورود ظنّ على خلافه ، كما قرّر في محلّه.
وإذ قد تقرّر ذلك ، فاعلم أنّ الصور المتصوّرة كثيرة ، بل انتهت ـ كما عن الوافية (٣) ـ إلى ما يقرب من ألفين ، بل يمكن تصوّرها بأضعاف ما ذكره ، إلاّ أنّ الحكم لا يختلف في كثيرها فنحن نقتصر على ما هو المعتدّ بها منها.
فنقول : إنّ العامّ والخاصّ إذا تنافيا ظاهرا ، إمّا يعلم اقترانهما ـ كما إذا صدرا عن معصومين في زمان واحد ـ أو افتراقهما ، أو يجهل ذلك إمّا مطلقا أو في أحدهما ، فهذه صور ستّة.
__________________
(١) منهم المحقق القمي في القوانين ١ : ٣١٤ ، وسلطان العلماء في حاشيته على المعالم : ١٤٩ ، والنراقي في المناهج : ١١٧ ، وغيرهم.
(٢) راجع المختصر للحاجبي وشرحه للعضدي : ٢٧١.
(٣) الوافية : ١٣٤.