الثامن : قد عرفت في بعض الصور المتقدّمة (١) أنّ الخاصّ إن ورد قبل حضور وقت العمل بالعامّ فهو مخصّص بناء على عدم جواز النسخ حينئذ ، وإن ورد بعده فهو ناسخ بناء على عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ولو شكّ في وروده قبل الحضور أو بعده ، فإمّا أن يجهل زمان العمل بالعامّ وورود الخاص كليهما ، أو يعلم أحدهما دون الآخر. فعلى الأوّل : لا وجه لتعيين أحد المجهولين بأصالة التأخّر ، إلاّ أنّه مع ذلك يحكم بالتخصيص للغلبة. وعلى الثاني : فإن علم زمان العمل بالعامّ وشكّ في ورود الخاصّ قبله حتّى يكون مخصّصا أو بعده حتى يكون ناسخا ، فبأصالة تأخّر ورود الحادث يحكم بكونه واردا بعد زمان العمل ويحكم بكونه ناسخا.
اللهم إلاّ أن يقال : إنّ ذلك من الاصول التي لا تعويل عليها ؛ لأنّ الناسخيّة ليست من أحكام عدم ذلك الحادث في زمان وجود الحادث الآخر ، بل إنّما هو من أحكام تأخّره عنه. وهذا وإن كان من لوازم ذلك العدم ، إلاّ أنّه لازم عقليّ ولا دليل على ترتّبه على الملزوم بالاستصحاب ، كما تقرّر.
ولا ينافي ذلك ما قرّرنا في محلّه من اعتبار هذه الاصول فيما يتعلّق بمراد الألفاظ وأوضاعها ، فإنّ ذلك ليس منها ، فتأمّل.
وإن علم زمان ورود الخاصّ وشكّ في حضور وقت العمل بالعامّ ، فبأصالة التأخّر أيضا يمكن القول بالتخصيص ، إلاّ أنّ فيه أيضا ما عرفت ، مع ما فيه من التأمّل.
التاسع : ذكر بعض الأجلّة (٢) في آخر المبحث تتمة ، وحاصلها أنّه إذا فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله ما يخالف العامّ ، فلا إشكال في تخصيصه بالنسبة إليه. وأمّا بالنسبة إلى
__________________
(١) تقدم في الصفحة : ٢٢٩.
(٢) وهو صاحب الفصول قدسسره.